منذ انطلاق الاحتجاجات في سوريا ضد النظام السوري عام 2011، باشرت الحكومة التركية بإطلاق تصريحات عن مظلومية الشعب السوري، وعن أن تركيا هي المنقذ الوحيد لهذا الشعب، وربما كان ذلك أحد الأسباب الرئيسية في إطالة أمد الصراع وتشعب الملف السوري وزيادة تعقيداته، وتفاقم الصراع الدولي على الأرض السورية.
ومنذ البداية، حاول رئيس النظام التركي تنفيذ أجنداته في سوريا بغض النظر عن الأضرار التي تسببت بها تلك الأجندات على سوريا أرضاً وشعباً.
واليوم وبعد سقوط النظام السوري، بدأت الوصاية التركية تطفو على السطح من جديد، من خلال إعلان مسؤولين أتراك زاروا سوريا عن نية تركيا مساعدة الحكومة السورية الجديدة التابعة لهيئة تحرير الشام، في المجال العسكري والأمني وحتى في صناعة وتدقيق الوثائق الرسمية، إلى جانب تدخلها في الشأن الخدماتي وملفات الطاقة وإعادة الإعمار.
ولا شك في أن تغافل الحكومة السورية الجديدة عن هذا الدور التركي، والسماح لأنقرة بتنفيذ ما تريد على الأرض السورية، أمر في غاية الخطورة، حيث ينذر بأزمات متلاحقة قد تعيشها سوريا بسبب هذا التدخل، ويجعل منها ساحة صراعات إقليمية ودولية، مما يستنزف مقدرات الشعب السوري، ويحيل سوريا إلى دولة هشة تقترب من النموذج اللبناني.
ومن المعروف أن النظام التركي لا يريد أن تكون سوريا دولة قوية مستقلة القرار والإرادة، يل يريدها تابعة له وبوابته على الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا في محاولة منه لإحياء مشروع الدولة العثمانية البائدة، بما يفرض تبعية دول المنطقة العربية للحكام الأتراك.
كما أن التصريحات الإسرائيلية عن حرب مستقبلية مع تركيا على أراض سوريا، ينذر بخطر عودة سوريا إلى معادلة المحاور والاستقطابات الخارجية.
فإن كان حكام سوريا الجدد يعلمون ضمنياً بالمشروع التركي، فهذا أمر خطير جداً، وإن كانوا يجهلونه فالأمر أكثر خطورة، ولن يجلب المستقبل لسوريا خيراً ببقاء هذه الحكومة التي تخضع للوصاية التركية.
هيئة التحرير