“المثقف” هو الممثل لقوة محركة اجتماعياً.

من هو المثقف؟، بالعودة إلى قواميس اللغة العربية نجدها عرفت لفظ(الثقافي) بأنه:”كل مافيه استنارة للذهن، وتهذيب للذوق، وتنمية لِملكة النقد والحكم لدى الفرد والمجامع”.

وتذهب بعض الدراسات الحديثة بالقول أن اللفظين العربيين (مثقف وثقافة) يقابلهما اللفظين ( intellectual), و(culture) ذوي الأصل اللاتيني، المستخدمين في اللغات الأوروبية، وبالعودة إلى السؤال الذي يقول من هو المثقف؟ نقول يتفرد المثقف في القدرة العالية على التمييز والتقييم والاستشراق، وهذا ما نطق به التاريخ الخاص بمسيرة كبار المثقفين وكيفية رصدهم ومقاربتهم للأحداث المعقدة والظواهر المركبة التي مرت بها مجتمعاتهم.

ومن جهة أخرى اختلف العلماء والمفكرون في تعريف المثقف والثقافة وفقاً للحالة الفكرية التي هم فيها، ولاختلاف معارفهم واتساع مداركهم، وفي رأي للباحث والمفكر العربي الكبير الدكتور” محمد عابد الجابري” في تعريف المثقف بقوله: (المثقف هو شخص يفكر بصورة او بأخرى، مباشرة أو لا مباشرة، انطلاقاً من تفكير مثقف سابق، يستوحيه، يسير على منواله، يكرره، يعارضه، يتجاوزه.. إلخ، فليس هناك مثقف يفكر من الصفر).

ويقول أيضاً (إن المثقف في جوهره ناقد اجتماعي، إنه الشخص الذي همه أن يحدد ويحلل ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظام أكثر إنسانية وأكثر عقلانية).

ويرى الكثير من المفكرين والفلاسفة أن المثقف هو الإنسان القادر على أن يخلق لذاته رؤية وموقف من الإنسان اولاً، ومن المجتمع ثانية، ومن الكون والطبيعة في الدرجة الثالثة.

وحسب الصحفي المصري الكبير ” محمد حسنين هيكل””بتصرف”:( أن المثقف يستطيع أن يعبر عن الرؤية التي يكونها لنفسه وعن موقفه من الحياة والطبيعة والمجتمع برموز الكلمات والالوان والأصوات).

والمثقف هو الشخص الذي يحمل في عقله افكاراً من إبداعه أو من إبداع غيره، ويرى بعقله النافذ الفاعل أنها جديرة بأن تجد طريقها إلى التطبيق في حياة الناس فيعمل جاهداً لتحقيق مثل هذا الأمل الرائع. وفضلاً عن ذلك، فالمثقف هو إنسان منتج للقيم والأفكار في جوهره، وهو يتصف بأنه شخص واع، تنويري، تجديدي، يستمد قيمته ومكانته من قيمة ما يقدمه او ينتجه من أفكار، شخص يتعهد عقله بالعناية والتهذيب والتطوير. والمثقف صاحب سلوك فاضل، وصاحب قدوة حسنة للآخرين في سلوكه ومعاملاته، والمثقف ليس مجرد متعلم او أنه حامل للشهادات مهما علت.

وهو إنسان غير متعصب يؤمن بالحرية ومنفتح على الآخر المخالف أو المختلف، متفهماً للاختلاف ويغض الطرف عنه. والمثقف بنظرنا لا يمكن أن يكون منافق أو وصولي أو تخديري وإلا يكون قد فقد صفته وسقط على الفور!!

أخيراً وليس آخراً نقول أن المثقف هو ممثل لضمير الشعب والجماهير العامة، ويجسد قيمهم ولا يساوم ولا يفرط بها، فهو مقياس نجاح المجتمعات على طريق التطور والازدهار.