لكل السوريين

اختبار جديد وتحدي مضاف

حسن مصطفى

مرةً أخرى تواجه الإدارة الذاتية تحدي جديد واختبار من نوع آخر تتعرض له يضاف إلى سلسلة التحديات والاختبارات التي تعرضت لها منذ لحظة الإعلان عن ولادتها.

وهذه المرة جاء الاختبار بشكل يوحي وبلا أدنى شك أن بعض الأطراف باتوا يلعبون، وكما يقال على المكشوف بعد أن بلغ بهم اليأس من فشل مشروع الادارة الذاتية ما بلغ فراحوا وبدون أي مواربة أو خجل يسعون إلى تحريك أدواتهم المتغلغلة في بعض مناطق الإدارة، مستغلين وبشكل ساذج ومفضوح المرامي بعض المطالب الشعبية المحقة في تعديل بعض القوانين وأهمها قانون الدفاع الذاتي.

هذا القانون الذي كانت هناك مناقشات طويلة ومعمقة حول كيفية تعديله من أجل تحقيق التوافق والانسجام ما بين المطالب الشعبية المحقة بامتياز، وما بين احتياجات واجب الدفاع الذاتي المشروع والمقدس الذي يجمع عليه كل أبناء المجتمع ومن كل المكونات لما له من أهمية استراتيجية في ضمان ديمومة حالة الأمن والأمان في مناطقنا، في ظل استمرار حالة الاستهداف المباشر لنا من قبل أعدائنا في الداخل والخارج على السواء.

وهم لن يترددوا في استغلال أي خلل أمني أو اضطراب أو تراجع أو تراخٍ في إجراءاتنا واستعداداتنا من أجل زرع بذور الفتنة وإشاعة حالة عدم الثقة بين الادارة وعامة أبناء المجتمع، لخلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى التي سيكون لها نتائج خطيرة على حالة الاستقرار والأمان التي تنعم بها مناطق الإدارة.

ولكن اللافت للانتباه والذي أثار غيض المتربصين والمتصيدين بالماء العكر هو سرعة استجابة الادارة الذاتية وجناحها العسكري المتمثل بقواها العسكرية والأمني، عبر اتخاذ سلسلة من الاجراءات أسهمت إلى حدٍ كبير في تطويق الأزمة ونزع فتيلها، والبدء في وضع برنامج عمل لحلها وفق أسس صحيحة ومتفق عليها، وبما يحقق أهدافنا المشروعة.

والأمر الهام في ذلك هو تلبية متطلباتنا واحتياجاتنا الأمنية التي لا يمكن لأي فرد في المجتمع أن يساوم عليها أو ينكر أهميتها، لأن تحقق الأمن والأمان والاستقرار في المجتمع هو المقدمة الأولى لتحقيق وتطوير الواقع الاقتصادي وإنجاز تنمية مستدامة.

والأمر الآخر الذي ينبغي الوقوف عليه التوقيت الذي صدرت فيه تلك المواقف المحتجة والحملة الاعلامية التي رافقتها، إذ أنها جاءت عقب انتهاء مسرحية الانتخابات الرئاسية السورية التي جرت في ظل غياب أي أفق لحل الأزمة السورية، ورفض معظم الدول الأوروبية لتلك الانتخابات، وما تمخضت عنه من نتائج كانت معروفة مسبقاً.

وقبل إجراءها، لأن الواقع والمنطق يؤكد أن ثلث الشعب السوري بات يعيش خارج الحدود السورية، في حين أن ما بقي من الشعب السوري يتوزع في انتشاره بين مناطق الحكومة السورية ومنطقة الادارة الذاتية ومناطق الشمال السوري، الذي تتقاسمه مجموعة من الفصائل المتناحرة والتي تتبع في إدارتها للدولة التركية.

من هنا ندرك أن ما جرى من أحداث وما صدر من مواقف في منطقة منبج يدل وبلا أدنى شك أن هناك مؤامرة قد دبر لها بليل، استطاعت الادارة الذاتية وعبر مختلف مؤسساتها وهيئاتها أن تفشلها وتنجح في هذا الاختبار العسير الذي تعرضت له، ولكن أيما نجاح.

وهذا النجاح التي تحقق يعود في مجمله إلى الحالة الديمقراطية التي تعيشها المنطقة مقارنةً مع باقي المناطق السورية، من خلال آليات التعامل التي سادت طوال فترة الأزمة، والتي لاقت كل الاستحسان والقبول من قبل أبناء المجتمع، والتي وجدت تطبيقها الحقيقي وما تمخض عنها من توصيات وحلول مقترحة، أخذت باعتبارها كل الشروط الموضوعية اللازمة لضمان نجاحها وديمومتها.