لكل السوريين

قمة بغداد.. هل تشكل نواة لتكتل سياسي عربي أوسع وحاضنة لبلاد الرافدين؟

تقرير/ لطفي توفيق 

في ختام اجتماعات القمة الثلاثية في بغداد، قال رئيس الوزراء العراقي إن القادة اتفقوا على مواصلة التنسيق حول عدد من الملفات الإقليمية كالملف السوري والليبي واليمني والفلسطيني، وعلى صياغة رؤية مشتركة حول هذه القضايا.

وأكد وزير الخارجية الأردني وقوف بلاده إلى جانب العراق في مواجهة التحديات، ودعم  عملية إعادة إعماره، وأشار إلى ضرورة “إبعاد العراق عن النزاعات الإقليمية وتبعاتها”.

كما أكد وقوف عمان إلى جانب مصر والسودان فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي، مشيراً إلى أن أمن مصر المائي هو جزء من الأمن العربي المائي.

وفي بيان لها ذكرت الرئاسة المصرية أن القمه ناقشت التطورات في الأراضي الفلسطينية، والتعاون في مواجهة الأخطار الأمنية، ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى الاستثمارات المشتركة.

وكما كان متوقعاً احتل مشروع “الشام الجديد” مكان الصدارة في هذه القمة.

وهذا المشروع كما يراه الاقتصاديون، تجمع اقتصادي يهدف إلى الاستفادة من المزايا الخاصة بكل دولة من الدول المشاركة بالقمة، لإقامة مشاريع اقتصادية تعود بالنفع على هذه الدول.

ويتطلع العراق إلى أن يصبح المشروع بوابة المنطقة التي تربط بين أوروبا وآسيا، من خلال الصورة الجديدة للمنطقة.

وذكر رئيس الوزراء العراقي الذي أطلق المشروع للمرة الأولى في شهر آب العام الماضي، أنه “مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، من شأنه أن يتيح تدفقات رأس المال والتكنولوجيا بين البلدان الثلاثة على نحو أكثر حرية”.

البيان الختامي

حددت مقدمة البيان الختامي لقمة بغداد أهم ما طرح فيها للنقاش، وما اتخذ من قرارات.

وركزت المقدمة على حرص الدول المشاركة فيها على توثيق علاقات الشراكة التي تجمع بينهم، وعلى  تعزيز سبل التعاون وزيادة آليات التنسيق ضمن المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والصناعية والأمنية وغيرها، بهدف تحقيق التكامل الاستراتيجي فيما بينهم.

وتناولت مواد البيان المواقف السياسية التي اعتمدتها القمة، وذكرت المادة التاسعة منه تأكيد القادة على ضرورة تفعيل الجهود لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

كما شددت المادة العاشرة على أن حل الصراع على أساس قرارات الشرعية الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، وعلى ضرورة وقف إسرائيل جميع الإجراءات التي تقوض فرص تحقيق السلام العادل، بما فيها تلك التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.

وذكر البيان أن القادة بحثوا المستجدات الإقليمية والدولية الراهنة، وجهود التوصل إلى حلول سياسية للأزمات في المنطقة، وخصوصا في سوريا وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمرجعيات المعتمدة، وأكدوا على ضرورة التوصل إلى حل سياسي يحفظ أمن واستقرار سوريا وتماسكها، ويتيح الظروف المناسبة لعودة اللاجئين الطوعية.

الشام الجديد

الأفكار التي يقوم عليها مشروع الشام الجديد ليست وليدة العام الماضي أو الحالي، بل تعود إلى فترة سابقة طرحت خلالها أفكار مشابهة لما طرح في قمة بغداد، وما سبقها من لقاءات بين المصريين والأردنيين والعراقيين، لكنها لم تتبلور إلى الحد الذي تم في هذه القمة.

فعلى الصعيد السياسي، يأمل أنصار المشروع بأن يشكل عقبة مهمة بوجه التمدد الإيراني في بلاد الرافدين، ويساهم بإخراج الدولة العراقية من دوامة تصفية الخلافات الإقليمية على أرضها.

ويرى المتفائلون من المتابعين لما يجري في المنطقة أن الدول المشاركة بقمة بغداد قد تتمكن من تشكيل نواة لتكتل سياسي عربي قد يشمل لاحقاً بعض الدول العربية الأخرى، بما يمكنه من فرض معادلات جديدة بعيدة عن هيمنة القوى المتصارعة للسيطرة على المنطقة.

وعلى الصعيد الاقتصادي يشكل مشروع الشام الجديد منصة اقتصادية مهمة لانطلاق دول القمة إلى تنمية اقتصادية مستدامة، في ظل ما تملكه تلك الدول من قدرات بشرية وموارد نفطية ومواقع استراتيجية هامة في الشرق الأوسط.

حيث يعتمد المشروع على الكتلة النفطية في العراق، والكتلة البشرية في مصر، وعلى الأردن باعتباره حلقة وصل بين البلدين.

يذكر أنه بعد سنوات طويله من الفوضى والفلتان الأمني، والتشرذم الطائفي، والفراغ السياسي السائد في العراق، وما نتج عنه من تداعيات خطيرة، لابد لبغداد من إعادة النظر في سياستها الخارجية، والسعي لتعميق علاقاتها مع محيطها العربي، والعمل على ضمان دعم هذا المحيط لأمن العراق واستقراره، بما يساعده على تجاوز المرحلة المريرة التي يمر بها.

وقد تشكل مصر والأردن مثل هذا الدعم له، خاصة أن مصر تتمتع بثقل استراتيجي إقليمي لا يستهان به، وتعمل على عقد تحالفات إقليميه، بما يمكنها من مواجهة التدخلات الخارجية.