لكل السوريين

بموجب قانون الأمن القومي.. الصين تحكم قبضتها على هونغ كونغ

تقرير/ محمد الصالح

بعد مرور عام على دخول قانون “الأمن القومي” الصيني حيّز التنفيذ في هونغ كونغ، تغيرت المستعمرة البريطانية السابقة بشكل جذري، وتزايد القمع الصيني فيها، حسب تقارير سياسية وإعلامية.

وحسب التقارير صعدت بكين حملتها القمعية وفق القانون الجديد بسرعة مذهلة شكلت تتويجاً لجهود بكين الطويلة لفرض سيطرتها على المدينة المجاورة لها.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن قانون الأمن القومي أدى إلى اعتقال النشطاء ومصادرة الأصول وفصل الموظفين الحكوميين واحتجاز رؤساء تحرير الصحف وإعادة كتابة المناهج الدراسية، ما يهدد وضع هونغ كونغ كمركز عالمي لأسواق المال.

كما سحقت المعارضة السياسية إلى حد كبير، واضطرت الصحف المؤيدة للديمقراطية إلى الإغلاق أو فرض رقابة ذاتية، علاوة على حل الجماعات السياسية، فيما فر الآلاف من السكان إلى الخارج.

وبحسب تقرير لصحيفة الغارديان، قبض على عدد كبير من الأشخاص بموجب هذا القانون، منهم عشرات السياسيين والصحفيين، واتهموا بجرائم تتعلق بالأمن القومي تصل عقوباتها للسجن المؤبد طبقا لقانون الأمن القومي.

استراتيجية متعمدة

يقول المحللون إن الاعتقالات المتسارعة والمحاكمات البطيئة هي استراتيجية متعمدة لإذكاء حالة الخوف لدى الناس، وإن التدخلات في الإجراءات القانونية لا تفسح المجال لإجراء محاكمات عادلة في هونغ كونغ.

ويقول المؤرخ في الشؤون الصينية الحديثة بجامعة كاليفورنيا، إن السلطات لديها بالفعل القدرة على “اعتقال واحتجاز ومقاضاة الأشخاص بسبب العديد من الأفعال التي أغضبتهم، لكن قانون الأمن القومي جاء لتخويف الناس ووفر إمكانية أكبر لمعاقبة الأشخاص بناء على حرية التعبير”.

وقال تقرير لمنظمة العفو الدولية “تمارس السلطات التحقيقات غير الخاضعة للرقابة في قضايا قد لا تكون لها صلة بالأمن القومي”.

وحسب تحليل بيانات مركز “جورجتاون” معظم الاعتقالات المرتبطة بقانون الأمن القومي تتعلق بالخطاب التحريضي أو الانفصالي، ولا يتضمن أي جرائم مزعومة أخرى.

تفكيك منهجي لحقوق الإنسان

اتهمت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها، حكومة هونغ كونغ بـ “تفكيك منهجي لحقوق الإنسان” من خلال تطبيق قانون الأمن القومي.

وقالت باحثة الصين في المنظمة الحقوقية، “يراقب أهالي هونغ كونغ الحكومة الصينية وهي تتخذ خطوات سريعة لتدمير مجتمعهم الديمقراطي”.

وأشارت إلى أن أهالي هونغ كونغ تعودوا على التحدث عن السياسة، والترشح للمناصب العامة، وانتقاد حكوماتهم، “ولكن هذه الأفعال الآن يعاقب عليها القانون بالسجن المؤبد”.

وكانت السلطات قد فرضت على المدارس، بكافة مراحلها، تطبيق قانون الأمن القومي في مناهجها الدراسية من خلال اعتمادها لمجموعة من الدراسات أعدت لهذا الغرض.

وفي تعميم موجه إلى المدارس، قال مكتب التعليم في هونغ كونغ “فيما يتعلق بالأمن القومي، لا مجال للنقاش أو التسوية”.

تهميش المعارضة

واصلت الحكومة المركزية الصينية إعادة تنظيم الإطار الانتخابي لهونغ كونغ، حيث أقرت قانوناً غيّر تركيبة برلمان المدينة لتهيمن عليه المقاعد المعينة من قبل الحكومة.

وصار عدد المرشحين المؤيدين للديمقراطية قليلاً، وفرص انتخابهم ضئيلة.

وبعد سريان قانون الأمن القومي، أعلن قضاة في هونغ كونغ أن المحاكمات أمام هيئة محلفين ليست حقاً دستورياً، وافتراض الإفراج بكفالة ليس مضموناً في القضايا التي تتعلق بالأمن القومي، مما ضيّق هامش الديمقراطية إلى حد كبير، وهمّش دور المعارضين إلى حد أكبر. وقالوا إن محاكم هونغ كونغ تراوغ في مسائل الحقوق عندما تتعارض قواعد الأمن القومي مع تدابير الحماية للنظام القانوني في المدينة.

وكان قادة الصين السابقين يمارسون التأثير على هونغ كونغ بشكل غير مباشر، قبل سريان قانون الأمن القومي الذي أحدث تغييراً جذرياً في المستعمرة البريطانية السابقة، التي كانت تملك نظاماً قانونياً مستمداً من النمط البريطاني، ومعارضة ديمقراطية وشعبية منظمة تنظيما جيداً.

هونغ كونغ المستعمرة

اندلعت حرب الأفيون الأولى عام 1839، وتدخلت بريطانيا فيها ضد الصين بسبب تضارب مصالحهما التجارية بالمنطقة، وحقق البريطانيون عن طريق هذه الحرب عدة امتيازات في الصين، وأجبروها على قبول التدخل البريطاني في شؤونها الاقتصادية.

وبعد سنتين وقعت لندن مع بكين اتفاقية “تشونبي” تخلت الصين بموجبها عن جزيرة هونغ كونغ لصالح البريطانيين.

وفي سنة 1898 استأجرت بريطانيا هونغ كونغ من الصين لمدة 99 عاماً.

وعام 1984، جرت مباحثات بين البلدين أسفرت عن اتفاق تعود بمقتضاه هونغ كونغ إلى الحكم الصيني بعد انتهاء فترة استئجار بريطانيا لها، مقابل احتفاظها بجانب من الاستقلالية، كنظام رأسمالي، وفتح الموانئ مجاناً أمام التجارة العالمية لمدة خمسين عاما.

وفي اليوم الأول من هذا الشهر عام1997، انتهى عقد تأجير المنطقة للبريطانيين، وتخلت بريطانيا رسمياً عن منطقة هونغ كونغ، ونقلت ملكيتها من المملكة المتحدة إلى الصين لينتهي بذلك الاستعمار البريطاني لها الذي استمر لمدة 156 عاماً، وتصبح هونغ كونغ أول منطقة إدارية خاصة لجمهورية الصين الشعبية.