لكل السوريين

أطفال دير الزور بين مطرقة الجهل وسندان المدارس الإيرانية

تعاني المنظومة التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والميليشيات الموالية لإيران في محافظة دير الزور شرق سوريا، من فساد وغياب للكادر التعليمي، الأمر الذي أدى إلى انتعاش المراكز التعليمية الثقافية الإيرانية.

وتثير هذه المراكز قلق الأوساط المدنية والحقوقية في سوريا بالنظر إلى تأثيرها الكبير على الناشئة.

وفي تحقيق أعده المرصد السوري لحقوق الإنسان الضوء على وضعية التعليم المتدهورة في مناطق سيطرة الحكومة السورية، وأشار إلى أن هناك نقصا فادحا في الكوادر، نتيجة تدني الرواتب وارتفاع الأسعار بشكل عام، مما دفع بالبعض إلى تقديم الاستقالة واللجوء إلى التدريس الخصوصي أو الهجرة، واختار آخرون اللجوء إلى المراكز التعليمية الإيرانية.

وأشار التحقيق إلى أن غالبية المدارس الحكومية تقع تحت رحمة أشخاص فاسدين دون محاسبة ومساءلة بسبب قربهم من متنفذين في الدولة.

وتشكل البنية التحتية المتهالكة بسبب القصف الممنهج للقوات الحكومية والروسية على المدينة عام 2017 أحد التحديات الكبيرة الأخرى التي تعاني منها المنظومة التعليمية في المحافظة.

وأدى القصف إلى تدمير عدد كبير من المدارس، في حين تفتقد  مدارس أخرى للمرافق الأساسية مثل قاعات الدروس الملائمة والمختبرات العلمية والمكتبات.

ودفع هذا الوضع ببعض الأهالي إلى اللجوء إلى المراكز التعليمية الثقافية التابعة للميليشيات الإيرانية لتعليم أبنائهم.

وتولي الميليشيات الإيرانية اهتماما كبيرا بالجانب التعليمي للمنتسبين من الطلاب وتوزيع الجوائز القيمة عليهم، إضافة إلى الرحلات الترفيهية والتي لايجدونها في المدارس الحكومية دون معرفة عواقب تلك الدروس التعليمية الفقهية الإيرانية.

وقد كثفت هذه المراكز في السنوات الأخيرة من دوراتها التدريبية المقدمة للناشئة، حيث أعلن المركز الثقافي الإيراني بدير الزور الشهر الماضي عن بدء دورات تدريبية داخل المركز، وقد تضمنت تلك الدورات إعداد مدربين، إلى جانب دورات تعليمية شملت مرحلة التعليم الأساسي، الصف السابع والثامن والتاسع، ودورات تدريبية منها دورة تحت اسم “العنف القائم على النوع الاجتماعي”.

ويحذر (ر. س) وهو مدرس لغة عربية في إحدى مدارس حي القصور بمدينة دير الزور، من أن لجوء الكوادر التعليمية والطلاب إلى المركز الثقافي الإيراني ومركز تمكين الشباب المدعوم من إيران سيدمر جيلا كاملا.

ويقول في تصريح لإحدى الوسائل الإعلامية المحلية، إنه خلال السنوات المقبلة سينتقل هؤلاء الطلاب من المدرسة إلى معسكرات القتال الإيرانية ويتعلمون اللغة الفارسية في المركز الثقافي بهدف رفدهم إلى مدارس إيران.

ويرى (م . أ) من سكان حي الحميدية في حديث للمرصد السوري أن إهمال المدارس وعدم إعادة تأهيلها وترميمها نتيجة قصف الطيران الروسي في سنوات الحرب عام 2017 جعل المعلمين يلجؤون إلى المراكز التعليمية الإيرانية.

وتعمل إيران على تجهيز جيل موال لها وتستثمر في الطاقات البشرية المتاحة لتمكين قدمها في المنطقة، ذات الغالبية السنية.

وتشكل هذه المحافظة أهمية إستراتيجية بالنسبة لإيران لكونها تمتلك حدودا طويلة مع العراق، فضلا عن كونها تملك موارد نفطية هامة، منها جزء كبير حاليا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

وقد سعت إيران خلال السنوات الأخيرة إلى استقطاب العديد من أبناء المحافظة، وتشكل المراكز الثقافية أحد أبرز أدواتها، في ظل لا مبالاة من قبل حكومة دمشق ترقى وفق البعض حد “التواطؤ”، فيما يرى آخرون أنه ناجم عن عجز.