لكل السوريين

أنقاض الحرب تعيق عودة الحياة.. سكان ريف دمشق يطالبون بإزالتها العاجلة

دمشق/ مرجانة إسماعيل

في ظل الدمار الهائل الذي لحق بريف دمشق نتيجة القصف المكثف الذي تعرضت له المنطقة من قبل قوات النظام السابق، يواجه أهالي الريف تحديات كبيرة في التعامل مع الأنقاض التي غطت أحياءهم وشوارعهم. هذه الأنقاض ليست مجرد حطام مباني، بل هي شواهد على معاناة استمرت لسنوات، وتحولت إلى عقبة كأداء أمام عودة الحياة إلى طبيعتها. فبعد كل هذه السنوات من الحرب والدمار، يطالب أهالي ريف دمشق بإزالة الأنقاض بشكل عاجل ومنظم، لما تمثله من خطر على صحتهم وحياتهم، ولما تعكسه من إهمال متعمد من قبل السلطات المحلية التابعة للنظام.

وتتراكم الأنقاض في ريف دمشق منذ سنوات، حيث دمرت آلاف المنازل والمدارس والمستشفيات والبنى التحتية بسبب القصف الجوي والمدفعي المكثف. هذه الأنقاض لا تشوه فقط المظهر العام للمنطقة، بل تشكل تهديداً مباشراً لحياة السكان الذين عادوا إلى منازلهم أو يحاولون إعادة بناء ما تبقى منها. فالكتل الخرسانية المتناثرة، والحديد الملتوي، والزجاج المحطم، كلها مخلفات خطيرة يمكن أن تتسبب في إصابات أو حتى وفيات، خاصة بين الأطفال الذين يلعبون في هذه المناطق غير الآمنة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأنقاض أصبحت مرتعاً للحشرات والقوارض، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض والأوبئة في منطقة تعاني أصلاً من تدهور الخدمات الصحية.

ويعبر أهالي ريف دمشق عن استيائهم من التلكؤ الواضح في إزالة الأنقاض، رغم مرور سنوات على توقف القصف في بعض المناطق. فهم يرون أن هذا التأخير ليس عشوائياً، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى إعاقة عودة النازحين وإعادة إعمار المناطق التي قاومت النظام. فبدلاً من أن تبذل السلطات جهوداً حقيقية لتنظيف المنطقة وتمهيد الطريق لإعادة الإعمار، يتم ترك الأنقاض كما هي، وكأنها رسالة تذكير دائمة للسكان بما يمكن أن يحدث إذا حاولوا المطالبة بحقوقهم أو العودة إلى ديارهم.

المشكلة لا تقتصر على الجانب الصحي أو المعيشي، بل تمتد إلى الجانب النفسي أيضاً. فالسكان الذين عاشوا سنوات تحت القصف، والذين فقدوا أحباءهم ومنازلهم، يواجهون الآن مشهداً يومياً يذكرهم بالدمار الذي عانوا منه. إزالة الأنقاض ليست مجرد عملية تقنية، بل هي خطوة ضرورية لبدء عملية الشفاء النفسي والاجتماعي. فما لم تتم إزالة هذه المخلفات، سيبقى الأهالي عالقين في حلقة مفرغة من الذكريات المؤلمة والإحساس بعدم العدالة.

من الناحية العملية، فإن إزالة الأنقاض تتطلب جهوداً كبيرة وتنسيقاً بين الجهات المحلية والمنظمات الدولية. لكن الأهالي يشكون من أن الجهات الحكومية تتعامل مع الأمر ببطء شديد، وتفتقر إلى الإرادة السياسية الحقيقية لإحداث تغيير ملموس. في بعض المناطق، تم تشكيل لجان محلية من المتطوعين لمحاولة تنظيف الشوارع وإزالة الحطام، لكن جهودهم تبقى محدودة بسبب نقص المعدات والتمويل. كما أن بعض المنظمات الإنسانية حاولت المساعدة، لكنها تواجه عراقيل بيروقراطية، الذي يفرض قيوداً على عملها ويحاول توجيهها وفقاً لأجندته السياسية.

الأمر لا يقتصر على إزالة الأنقاض فحسب، بل يتعداه إلى ضرورة إعادة تدويرها واستخدامها في إعادة الإعمار. فالكثير من المواد الموجودة في الأنقاض، مثل الخرسانة والحديد، يمكن إعادة استخدامها، مما يوفر تكاليف البناء ويقلل من الأثر البيئي للتدمير. لكن هذا يتطلب تخطيطاً استراتيجياً وموارد مالية، وهي أمور غائبة في ظل الفساد المتفشي وعدم وجود رؤية واضحة من قبل السلطات المحلية.

أهالي ريف دمشق يطالبون المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات عاجلة لإزالة الأنقاض. فهم يرون أن هذه القضية لا تحظى بالاهتمام الكافي، رغم تأثيرها المباشر على حياتهم اليومية. كما يطالبون بتحقيق شفاف في كيفية صرف الأموال المخصصة لإعادة الإعمار، وخدمة المواطنين.

- Advertisement -

- Advertisement -