لكل السوريين

أزمات رئيس النظام التركي مستمرة.. من أزمة الليرة إلى أزمات سياسية

تقرير/ لطفي توفيق

تستمر الأزمات التي تواجه رئيس النظام الرئيس التركي على وقع الغضب الشعبي، وتصاعد التوترات الاجتماعية والسياسية في البلاد، بالتوازي مع الانهيار الاقتصادي، وتقهقر قيمة العملة التركية، وتضاعفت أعداد المحتاجين والفقراء الذين أصبحوا عاجزين عن تأمين حياة لائقة لأسرهم، وأعداد المواطنين غير القادرين على سداد ديونهم الائتمانية الاستهلاكية.

وتحولت أزمة العملة التركية إلى أزمة سياسية، بعدما حث وزير المالية على مقاضاة الأشخاص الذين تناولوا مشكلة انخفاض الليرة على وسائل التواصل الاجتماعي، واتهمهم باعتماد “الحرب النفسية” من خلال حث الأتراك على شراء الذهب والدولار للحفاظ على مدخراتهم بسبب تراجع قيمتها.

وتقدمت هيئة الرقابة المصرفية في أنقرة بشكاوى ضد أكثر من 20 شخصاً، بسبب ذلك.

وتستعد الحكومة التركية للكشف عن تشريع جديد لتشديد الرقابة الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل الانتخابات القادمة في منتصف العام 2023، وسط توقعات داخلية بأن يلغيها أردوغان، حيث أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع شعبيته وشعبية حزبه أيضاً.

المعارضة تتحرك

بعد الانخفاض غير المسبوق لليرة التركية، اندلعت أعمال شغب في مختلف أنحاء البلاد، وخرج المواطنون الأتراك في تظاهرات حاشدة في الشوارع الرئيسية في كل من أنقرة وإسطنبول وإزمير ومدن أخرى، احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة.

وبتشجيع من المعارضة التي تعتبر أن أردوغان يدمر تركيا من داخلها، ويقضي بممارساته وانتهاكاته على حقوق الإنسان، ويلقى عشرات الآلاف ممن لا يؤيدون سياساته في السجون. ويؤكد وزيره السابق، أحمد داود أوغلو، أنَ سياسات أردوغان الاقتصاديّة الحالية “ليست جهلاً، بل خيانة” لشعبه، ويدعو إلى انتخابات فورية، لكن رئيس النظام التركي يصرّ على رفضها.

وعلى هذه الخلفية، اجتمعت أحزاب المعارضة الستة في تركيا، وقررت توحيد الجهود فيما بينها لاستعادة النظام البرلماني في البلاد، وتقييد فترة ولاية الرئيس، وإجباره على الانسحاب من السياسة بعد أن يترك منصبه.

كما طالبت باستقلال القضاء والصحافة، وخفض العتبة الانتخابية للتمثيل البرلماني إلى 3%، لاستعادة ما ألغاه أردوغان عبر تغيير الدستور، والانتقال إلى نظام الحكم الرئاسي.

خطة غريبة

بعد انهيار الليرة التركية حوَّل معظم الأتراك ودائعهم إلى الدولار واليورو، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية بشكل خطير، أعلن أردوغان عن “خطة غريبة” لجذب المودعين، وهي أن حكومته ستعوض الذين لديهم ودائع بالليرة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، عن أي خسائر ناجمة عن تردي تراجع قيمة العملة.

ونتيجة لهذا القرار، انتعشت الليرة لفترة وجيزة، وأعلن رئيس النظام التركي انتصار خطته، إلّا أنه بعد وقت قصير، عادت إلى التراجع السريع مرة أخرى.

واستهجن خبراء اقتصاديون هذه الخطة، وأشاروا إلى أنها حتى لو نجحت وساهمت باستقرار الليرة، فلن تنهي مشاكل تركيا الاقتصادية، وسيستمر التضخم الناتج عن الانخفاض السابق في قيمتها.

ولن يعوض استقرارها ارتفاع تكلفة السلع التركية، بل سيؤدي ذلك إلى تآكل القدرة التنافسية لتركيا، وتقويض ميزانها التجاري، وتزايد اعتمادها على الاقتراض الخارجي لسد الفجوة بين وارداتها وصادراتها.

وإذا فشلت هذه الخطة، ستكون العواقب أسوأ، حيث سيكون على دافعي الضرائب إنقاذ المودعين، ويتطلب تقشف الفقراء الأتراك لصالح الذين لديهم مدخرات جيدة.

وإذا لم تستطع الحكومة تحمل هذا الخيار، فسيتعين عليها طباعة المزيد من الأوراق النقدية، مما يساهم في تدهور قيمتها.

يذكر أن أردوغان يسعي منذ وقت طويل لتصدير أزماته، وتحويل الأنظار نحو الخارج عبر زج الجيش التركي بعمليات عسكرية في سوريا والعراق وليبيا، وغيرها من البلدان.

ولكنه فشل بإخفاء حقيقة الأوضاع الداخلية في بلاده التي باتت تقف أمام احتمالات مفتوحة على المجهول.