لكل السوريين

مسار سياسي جديد في تونس.. وحركة النهضة تصعد لتغطية خروجها

تقرير/ محمد الصالح 

شهدت تونس خلال العام الماضي تطورات مفصلية، بعد القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد أواخر شهر تموز الماضي بتجميد عمل البرلمان وحل الحكومة والإعلان عن محاكمة كل من تورط في الفساد المالي والسياسي.

وساهمت هذه الإجراءات في إنهاء مرحلة حكم الإخوان المسلمين في البلاد.

واعتبر المراقبون هذا العام الأسوأ لحركة النهضة، ورئيسها راشد الغنوشي الذي واجه فيه عريضتين لسحب الثقة منه في البرلمان، ومنع من الدخول إليه.

كما واجه داخل حزبه رفض العشرات من القياديين لبقائه على رأس الحركة، وطالبت قيادات منها بإقالته باعتباره المسؤول عن حالة الانهيار الشعبي الذي ألت إليه الحركة، وإجراء انتخابات داخلية لاختيار رئيس أخر، وقرروا تعليق عضويتهم من الحزب لحين تقديم استقالته، وهددوا بإعلان استقالات جماعية من الحزب إذ لم يتحقق مطلبهم.

ودخلت البلاد مرحلة استثنائية قلقة، حيث مر زمن طويل نسبياً قبل أن يضع الرئيس التونسي حداً لها، ويطرح مشروعه البديل.

ولكنه فعل ذلك في الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، حيث حدد موعد الانتخابات التشريعية المبكرة في هذا العام، بعد صدور نتائج استفتاء شعبي حول النظام السياسي وقانون الانتخابات.

مسار سياسي جديد

في أول خطوة لإنهاء المرحلة الاستثنائية، أطلقت تونس رسمياً المنصة الإلكترونية المخصصة لجمع اقتراحات المواطنين حول الإصلاحات السياسية التي عرضها الرئيس، وعرضها لاحقاً على استفتاء شعبي، في خطوة اعتبرت “بداية مسار سياسي جديد يعزز سلطة الشعب”.

وهذه أول استشارة وطنية يتم إطلاقها إلكترونيا في تونس، “تتيح للمواطنين إبداء آرائهم على منصة إلكترونية في مواضيع مختلفة تشمل السياسة والاقتصاد والثقافة والتنمية والصحة والتعليم والانتقال الرقمي”، حسب مراقبين تونسيين.

واعتبر المحللون السياسيون أن الحوار الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية مع الشعب التونسي، وخاصة جيل الشباب، انطلق فعلياً عبر إطلاق المنصة الإلكترونية التي ستستمع إلى مطالبهم وتطلعاتهم ومقترحاتهم في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وكان الرئيس التونسي قد أعلن عن هذه الاستشارة ضمن خارطة الطريق السياسية التي سيجري تطبيقها هذا العام، وأكد أنه يعول كثيرا على هذا الحوار لإطلاق مسار التغييرات السياسية، وإجراء الانتخابات البرلمانية في ذكرى “عيد الثورة”.

تغطية للخروج

واصلت حركة النهضة الإخوانية التصعيد في تونس خلال منتصف الشهر الماضي، بهدف البحث عن “خروج آمن” دون محاسبة سياسية أو قضائية لقياداتها، بالتزامن مع تكثيف مطالب القوى السياسية والشعبية بفتح ملفات الفساد في سنوات حكم الحركة، ومحاكمة الجميع.

وذكرت مصادر تونسية، إن رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، “قدم وساطات لرئاسة الجمهورية في الأيام القليلة الماضية، لبحث مسألة الخروج من البلاد إلى أي بلد آخر، مقابل وقف المحاسبات الخاصة بالفساد السياسي والتمويلات”.

ويرى المتابعون للشأن التونسي أن التصعيد من جانب قيادات الحركة خلال الفترة الماضية، تهدف للضغط على الرئيس مؤسسات الدولة للسماح للغنوشي وبعض القيادات بمغادرة البلاد، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من الحركة لأن خروج الغنوشي سيسمح لبقية القيادات بتحميله أخطاء المرحلة، والحصول على صك براءة للحركة على حسابه عندما يكون خارج البلاد، وإعادة التموضع على الساحة التونسية.

كما يعتبر ناشطون تونسيون هذا التصعيد محاولة للهروب من المحاكمات الخاصة بالفساد وتمويل الإرهاب، بعد تسريب معلومات من قبل جهات قضائية تؤكد تورط النهضة وبعض الأحزاب الأخرى بملفات فساد تتعلق بتلقي تمويلات أجنبية، ونشر أجندات مشبوهة.

يذكر أن الرموز السياسية التي تقودها حركة النهضة الإخوانية مع بعض الوجوه اليسارية والحقوقية قد شكلت في زمن الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي جبهة معارضة له.

وتحاول اليوم تشكيل كيان سياسي معارض جديد للرئيس قيس سعيد، خوفاً من مشروعه السياسي الذي سينهي وجودهم سياسياً.