أكل الخضروات هو الأكثر نفعا من الجانب الصحي والبدني، وهذه العبارة بدأنا بتداولها كمحاولة لإقناع النفس لكي تستغني عن أكل اللحوم، وأصبحت الأحاديث تتناول منافع الخس والبقدونس من مضادات للأكسدة، واحتوائها على الحديد.
وأصبح حديثنا اليومي بوجوب الابتعاد عن اللحوم بكل أنواعها الحمراء والبيضاء، وهذا الجانب من الوعي والتفكير لم يكن ناتج الترفيه، وإنما بسبب عدم قدرة المواطن على شراء اللحوم.
ولكي لا يشعر بالحرمان؛ أصبح يقنع نفسه ويحدثها بوجوب أن يكون شخصا نباتيا، ولكن في كل مرة يرى فيها محل القصابة تغلب عليه نشوة منظر اللحوم خلف زجاج القصاب، والمطاعم.
وبعد مروره تبقى في حالة من الدهشة والشتات، ومحاورة الذات بأنني شخص نباتي ولا أكل اللحوم، ولن أكله حتى بعد قرار الإدارة الذاتية ،حيث أن اللحوم الحمراء ما زالت أسعارها مرتفعة، وكذلك اللحوم البيضاء مازالت تستمر في الارتفاع.
وأخذ القرار بالتحول لكي نصبح نباتيين له أسباب عديدة، ليس فقط ارتفاع سعر اللحوم، وإنما أيضا ارتفاع أسعار المشتقات الحيوانية من حليب وألبان وأجبان وبيض.
ومع ارتفاع سعر الصرف واستمرار الأعباء على المواطنين كناتج عن الحرب وعجزهم عن بناء منازلهم من جانب وعجزهم عن التنوع الغذائي، أثقل كاهلهم، حيث أننا اليوم نلحظ تصدير المشتقات الحيوانية خارج الشمال الشرقي السوري.
وهذا أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسواق، حيث أن الكيلو غرام من اللبن وصل سعره اليوم إلى 700 ل.س والكيلو غرام من الحليب 550 ل.س، فهل من حلول وهل من قرارات لحماية المستهلك ضمن مناطق الشمال الشرق السوري، وتكون ذات جدوى ونفع،
وليست كقرار منع التصدير للأغنام، والذي لم يعطي نتائج إيجابية بسبب استمرار التهريب، ومازال في ظل هذه الظروف القاهرة ما زال مواطننا المسكين يحدث نفسه أنا نباتي، ومن أجمل أحلامه التي يرويها حلمه وهو يأكل ما لذ وطاب من الفواكه، التي لم تدخل منزله منذ شهور عديدة.
بل نزيد على ذلك بأن الموظفين ضمن الإدارة الذاتية لم تسعفهم الزيادة في الرواتب، لأن ارتفاع الأسعار في الأسواق كان متقدما جدا عن الزيادة في الراتب، وبالتالي الكل سواسية في ظل الحرمان.
ولابد من دراسات اقتصادية جدية من مختصين للسيطرة والتغلب على هذا الواقع المشؤوم، ولكننا سنقاوم وسوف نستمر لأن الإرادة بالحياة ما زالت موجودة و روح الثورة على الواقع والتعايش هي من أفضل الميزات التي تميز شعوب شمال شرق سوريا عن سائر الشعوب.