لكل السوريين

تل بيدر.. بواباته السبع حاضرة على تاريخه العريق جعلت منه دانة الجزيرة السورية

تل أثري يقع في القسم الغربي من مثلث الخابور، على مسافة 35كم شمال الحسكة، مساحته نحو 28هكتاراً، وهو دائري الشكل قطره 600م، يحيط به سور يمتد نحو 2كم، وتتخلله سبع بوابات تتجه نحو المدن الرئيسية في أعالي الجزيرة السورية، وخاصة مدينة ناجار (تل براك) وأوركيش (تل موزان) وشخنة ـ شباط انليل (تل ليلان)، وتل خويرة وماري (تل الحريري) وترقا (تل العشارة). يبلغ ارتفاع التل 28م، ويتمركز الأكروبول في أعلى التل (المنطقة F) بقطر 60م وارتفاع 7.5م.

التاريخ

يعود تاريخ التل إلى الألف الثالث ق.م، وأُعيد الاستيطان فيه جزئياً في العصر الهلنستي.

تحيط بالتل المدينة المنخفضة الواقعة خارج السور وفي الطرف الغربي، وتنتمي إلى العهود الميتانية والآشورية الحديثة، وتبلغ مساحتها نحو 40 هكتاراً.

الآثار

تنقِب في التل، منذ عام 1993، بعثة سورية ـ أوربية مشتركة، برئاسة أنطوان سليمان ومارك لوبو، وأظهرت الحفريات بقايا أثرية مهمة في مختلف القطاعات. يضم القطاع F قصراً ملكياً يعود إلى فجر السلالات الثالثة بين 2500 و2400ق.م، أبعاده 32 × 21م، جُدد بناؤه على مراحل متتالية، ومن المحتمل أن يكون قد تألف من طابقين، وقد شُيد القصر حسب تصميم مسبق، وفق النمط المعروف في بلاد ما بين النهرين، ويتألف من ثلاثة أجنحة، يضم الجناح الأوسط المدخل الذي يقع على الضلع الشرقي والمؤدي إلى رواق ثم غرفة الاستقبال وغرفة العرش، وفيه أعمدة مربعة وواجهة تحمل أسلوباً معمارياً مميزاً ومحاريب وعضادات. أما الجناحان الأيمن والأيسر فهما مخصصان للأمور الإدارية والخدمية.

يتصل القصر من الجهة الجنوبية ببناء ثان له أبعاد متقاربة ويكمل وظيفة القصر الأول، إلا أنه يعود إلى 2400ق.م تقريباً، كما يضم هذا البناء معبداً مستطيلاً مماثلاً لمعبد مكتشف في ماري. يقع المحراب على الضلع الشرقي، وتحيط به من الجانبين عضادات ومحاريب صغيرة وتتقدمه مصطبة، طُليت جدرانه وأرضياته بالجص. يضم القطاع E بناءً مهماً، ربما كان معبداً أو مخزناً للحبوب (يُؤرخ من عصر فجر السلالات الباكرة نحو 2500-2400ق.م)، مستطيل الشكل بطول 26م وبعرض 7.5م، يقع محاذياً للطريق الشرقي المؤدي إلى المدينة العالية، ومازال البناء محافظاًً على جدرانه المرتفعة لأكثر من ثلاثة أمتار، وذلك منذ الألف الثالث قبل الميلاد، ويتصف بخصائصه المعمارية المميزة، إذ شُيد باللبن المربع الشكل وبلغ عرض جدرانه 1.2م، وقُسم إلى أربع حجرات متتالية، وأحواض مستطيلة ومتوازية تفصلها عن بعضها البعض جدران مقوسة (قناطر)، يقوم مدخل البناء في وسط الضلع الغربي، وهو يقع على خط مستقيم مع الواجهة الشرقية.

تم الكشف في القطاع B عن أبنية إدارية تابعة للقصر، عُثر فيها على أقدم نصوص مسمارية في الجزيرة السورية، حيث بلغ عدد الرقم المكتشفة في هذه الأبنية 165 رُقيماً مسمارياً، تتحدث عن الإله «شاماغان» ملك الحيوانات، ويبدو أن معبداً كان مخصصاً لهذا الإله، وتذكر الرُقم بأن سيد مدينة ناجار، كان يتنقل في تل بيدر لكي يقدم الأضاحي لهذا الإله، وتدل المكتشفات أن المدينة كانت مزدهرة ومستقلة في نحو 2500ق.م، ويمكن تقدير عدد سكانها آنذاك بـ2000 إلى 3000 نسمة، ثم خضعت فيما بعد للسلطة الأكادية، وكان ذلك بداية تراجعها وأفول نجمها السريع.