لكل السوريين

المنسق العام للاتحاد السوري الجمهوري: “دمشق تسعى لعسكرة انتفاضة السويداء، وانتفاضة الساحل تحدت القبضة الأمنية”

حاوره/مجد محمد

اعتبر المنسق العام للاتحاد السوري الجمهوري الذي يتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرا له، اعتبر أن ما يجري في السويداء قد سبب ارباكا لحكومة دمشق المركزية، ولا سيما أنه أعاد إلى أذهان الحكومة السورية ما كان قد بدأ في بدايات الأزمة السورية، والتي أعادت الأزمة في الجنوب السوري الاستراتيجي إلى نصابه الأول.

أنهت احتجاجات السويداء شهرها الأول ودخلت شهرها الثاني، بعد أن خيبت آمال الذين راهنوا على إنها ستنتهي بغضون أيام، ومستمرة بمطلبها الرئيسي الذي هو إسقاط النظام وحزب البعث وتطبيق القرار ٢٢٤٥ في ظل عدم توافر إرادة سياسية دولية جادة للتوصل إلى حل في سورية.

واعتاد المحتجون التجمهر بأعداد غفيرة في ساحة الكرامة كل يوم جمعة، مع الحفاظ على اعتصاماتهم اليومية في الساحة بأعداد محدودة على مدار الأسبوع للتعبير عن مطالبهم، إلى جانب تنظيم احتجاجات صباحية ومسائية في العديد من قرى المحافظة.

ويرى المنسق العام للاتحاد أن استمرار الحكومة السورية بسد مسامعها أمام مطالب الشعب في عموم البلاد ولا سيما في الجنوب السوري يعكس البعد الحقيقي بين سعي الحكومة لإيجاد حل ينهي الأزمات المتوالية والمستمرة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عقد ونيف، يزيد من الأمور تعقيدا وقد يؤدي إلى إرهاق المزيد من الدماء.

وللحديث عن هذا الموضوع، أجرت صحيفتنا وعبر وسائل التواصل الاجتماعي حواراً مطولاً مع المنسق العام للاتحاد السوري الجمهوري في برلين الأستاذ هيثم جمول، ودار الحوار التالي:

*ما الذي أثبتته استمرارية الاحتجاجات الشعبية في السويداء؟

أهالي السويداء مؤكدين إن النظام السوري لن يستجيب للمطالب السياسية والاقتصادية والأمنية، بحكم إن النظام السوري لا يمتلك القدرة الاقتصادية بسبب انهيار الليرة السورية، والحصار الاقتصادي، المفروض عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب والعرب، إلى جانب سيطرة الميليشيات الإيرانية على القرار العسكري في الجنوب، وهو ما يتعارض مع مطالب أهالي السويداء، وقد أكد المتظاهرين والمرجعيات الروحية في السويداء بأنهم لن يعودوا ويتراجعوا عن التظاهرات إلا لتحقيق ما خرجوا من أجله.

*احتجاجات السويداء وصفت بالسلمية، وتفادي الأخطاء السابقة، ما الذي ميز هذه الاحتجاجات؟

نعم، لقد تميز الحراك الشامل في مدينة السويداء بالسلمية الكاملة، والتأكيد دوماً على إن شباب السويداء يواجهون الرصاص بصدور عارية، لأنهم مؤمنين بأن القومة الحقيقية للحراك هو السلمية، وفي نفس الوقت يدل الحراك على درجة عالية من الوعي والتخطيط وبرز ذلك من خلال تصدر المرأة المشهد في كثير من التظاهرات لإيصال رسالة واضحة للمجتمع الدولي بشكل واضح وصريح على حضارة وسلمية الحراك.

*في بداية احتجاجات السويداء كان هناك أصوات من الساحل السوري مساندة لهذه الاحتجاجات، الآن اختفت هذه الأصوات، لماذا برأيك؟

في واقع الأمر لم تتوقف التظاهرات السلمية في الساحل السوري إلا بعد استخدام النظام الديكتاتوري آلة الترهيب والاعتقال للناشطين، وبذلك يمكن القول بأن المظاهرات في الساحل السوري قد تعود مرة أخرى من جديد.

ما جرى في الساحل السوري كان حالة يمكننا وصفها بالاستثنائية، فعلى الرغم من الحالة الأمنية المحكمة التي تفرضها القوات الأمنية في مناطق سيطرتها وعلى وجه الخصوص في محافظات الساحل ووسط سوريا، إلا أن ظهور أصوات تطالب بالتغيير وإنهاء الأزمة بشيء يرضي الجميع يعتبر تحدي صريح للحكومة ولعنجهيتها، ويؤكد أن إرادة الشعب لا تقهرها أي إجراءات أمنية مهما كانت قاسية.

*ساندت محافظات دير الزور والحسكة وحلب وإدلب أيضاً احتجاجات السويداء، وخرج أهالي تلك المناطق أيضا بتظاهرات، الآن أيضا لم يعد يصدر منهم صوتاً أو تصدر أصوات خجولة، السويداء باتت وحيدة تقريباً، على ماذا تعتمد اليوم استمرارية الاحتجاجات في السويداء؟

بشأن مظاهرات هذه المناطق التي ذكرتها والمناطق الأخرى فأنها تنظم باستمرار، لكن طبيعة الشعارات والخطاب في مدينة السويداء قد لا تعجب بعض الأطراف المعارضة الممولة من بعض الدول الخارجية والإقليمية الطامعة بالتقسيم والسيطرة على المقدرات السورية، وعلى سبيل المثال إيران وتركيا، ونحن نعتقد أن توسع خروج رقعة المناطق من تحت سيطرة الأسد لن يتوقف عند السويداء فهناك تطورات في شرق الفرات وفي الجنوب السوري وحوران وفي الساحل السوري، كما إنه في المنطقة الداخلية هناك حراك قد يتطور، وبذلك نجد إن حالة التكامل في هذا التحرك العام سوف تنجم عن ثورة جديدة لن يستطيع النظام مطلقاً مواجهتها.

*قبل أسبوع تقريباً لوحظ إطلاق للرصاص الحي على الاحتجاجات في السويداء بجانب حزب البعث، هل برأيك تحاول حكومة الأسد جر الاحتجاجات السلمية إلى العسكرة؟

صحيح، سوف يلجأ النظام إلى استخدام العنف والترهيب في محاولة منه لإسكات المتظاهرين السلميين، وقد ينكر أيضاً ما حدث من إطلاق نار، إذا استمرت الحالة بهذا الشكل فأن المواجهة العسكرية قادمة لا محالة إذا لم يتم وضع حد لممارسات النظام مع المتظاهرين السلميين، وباعتقادنا إن عقلية نظام الأسد لا تعرف غير لغة العنف والقمع لذلك نتمنى لأهلنا في السويداء ورفاق الثورة الحفاظ على المسار السلمي.

*الاحتجاجات تربك النظام سياسياً وإعلامياً، والجميع يتحدث أن النظام السوري في حيرة من أمره بالنسبة للاحتجاجات، ما رأيك بذلك؟

إن النظام يفقد السيطرة على مناطق شاسعة من البلاد ولم يعد بمقدوره الدخول في مواجهات عسكرية جديدة مع المكونات السورية التي ادعى ويدعي بأنه حامي الأقليات، ولأن خسارة السويداء بشكل كامل تعني محاصرته بشكل كامل بعد أن خسر الشمال إلى جانب خسارته المنطقة الشرقية التي تتفاعل فيها تطورات لإخراج الميليشيات الإيرانية والتي هي الداعم الأكبر للنظام، وهذا يعني اتجاه النظام إلى هاوية السقوط من خلال وقوعه بين فكي العقوبات الغربية والأمريكية وفقدان السيطرة على المناطق الاستراتيجية.

*ادعاءات النظام دائما جاهزة، مؤامرة كونية وادعاءات أخرى من هذا القبيل، كيف تنظر لهذه الادعاءات بأن هذه الاحتجاجات مدعومة بجهات خارجية؟

ما الجديد في ذلك، دائماً وابداً وأمام أي محاولة لتعرية النظام فوراً ما يدعي بالمؤامرة الكونية، ولطالما بقي النظام بهذه الذهنية ولم يخرج من ذهنية عام ٢٠١١ ولم يفهم الدكتاتور بأن الشعب يريد التغيير السياسي في سوريا.

*برأيك هل هذه الاحتجاجات ستغير الموقف السلبي للمجتمع الدولي والمجتمع الغربي بالنسبة للوضع في سوريا؟

نعم، بدون أي شك سيتم تغيير الموقف السلبي للمجتمع الدولي والغربي من خلال إصرار الحراك في السويداء على تحقيق المطالب، ومن خلال الجالية السورية المتواجدة في كل أصقاع الأرض ودعمها لحراك السويداء والشعب السوري عموماً

*ختاماً، كلمة أخيرة منك، المجال مفتوح لك..

في الختام نرى بأن التظاهرات في السويداء أعادت نبض الحياة للثورة وزرعت الأمل لدى السوريين في إمكانية التغيير والتخلص من الديكتاتورية رغم صعوبة المرحلة القادمة.

نرجو أن لا تراق دماء جديدة في سوريا وأن تنتهي الأزمة بما يحقق تطلعات الشعب، وينهي كافة أشكال العنصرية والإقصائية في عموم سوريا.