لكل السوريين

من خلال تقاربه مع الإمارات.. النظام التركي يسعى لكسر عزلته الداخلية والخارجية

بعد سنوات طويلة من التنافس الإقليمي، والتصريحات العدائية بينهما، بدأت خطوات التهدئة والتقارب بين تركيا والإمارات ترى النور.

وأجرى رئيس النظام التركي اتصالاً هاتفياً مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، في أعقاب اتصالات بين مسؤولي المخابرات والحكومة في البلدين.

كما ناقش أردوغان الاستثمارات الإماراتية في تركيا مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد لدى زيارته لأنقرة.

ومع أن هذه الجهود والمحادثات لم تثمر حتى الآن عن نتائج ملموسة، إلّا أن بعض المراقبين يرون أن المسار الإماراتي مع تركيا، قد يتحرك بسلاسة وسرعة أكبر من مسارها مع السعودية ومصر.

وإلى ذلك ذهب دبلوماسي خليجي حيث قال “إن العملية تسير بخطى أسرع مما كان يعتقد الكثيرون”.

كما وصف مسؤول تركي كبير الاتصال الهاتفي بين أردوغان والشيخ محمد بن زايد بأنه “خطوة بالغة الأهمية باتجاه التغلب على الخلافات التي عكرت صفو العلاقات بينهما”.

وأشار المسؤول إلى أن الجهود والمحادثات ستركز أولا على الأمور المتعلقة بالاقتصاد، على أن يتم الاتفاق على القضايا الأخرى لاحقاً.

المتحدث باسم الرئاسة

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن بلاده ترغب في أن تكون لها علاقات طيبة مع كافة دول الخليج.

وحسب وكالة الأناضول، قال قالن إن “فتح مثل هذه الصفحة الجديدة مع دولة الإمارات العربية المتحدة أمر إيجابي للغاية”.

وأشار إلى أن الجهود بهذا الاتجاه، وصلت إلى مرحلة جيدة من النضج خلال الأشهر الماضية، في إشارة إلى الاجتماعات التي عقدها وزير خارجية تركيا، ورئيس جهاز استخباراتها، مع مسؤولين إماراتيين.

واشار إلى أن الشيخ طحنون، “له دور حاسم للغاية في نظام الإمارات، ومن ثم فإن مجيئه لتركيا بنفسه كانت رسالة في حد ذاتها”.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة اتفاق تركيا والإمارات، على أن تكون العلاقات المتبادلة بينهما قائمة على المصالح المشتركة والاحترام.

وأعرب عن أمله في رؤية نتائج ملموسة في كافة المجالات، وعن استعاد بلاده لاتخاذ كافة الخطوات في هذا الصدد.

ترحيل الملف السياسي

على الصعيد السياسي، ليس من السهل التغلب على الخلافات بين أنقرة وأبو ظبي نظراً لتحالف الإمارات مع مصر والسعودية، وإصرار هذا التحالف على سحب أنقرة لقواتها، وللمقاتلين السوريين الذين تدعمهم من ليبيا، قبل أي تطبيع للعلاقة معها.

ولذلك تم تأجيل البحث حول هذه الخلافات، وترحيل هذا الملف بكامله إلى المستقبل، واقتصار البحث على الجانب الاقتصادي.

وحسب مسؤولون أتراك وخليجيين، بدأ يدرك البلدان أنهما يدفعان ثمناً اقتصادياً متزايداُ نتيجة للتوترات السياسية بينهما.

ولكن تركيا تدفع الثمن الأكبر، حيث بلغت نسبة التضخم فيها 19%، وأدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير، واضطرت بنوكها الحكومية لبيع مليارات من الدولارات من الاحتياطي الأجنبي خلال العام الماضي لدعم الليرة التي تراجعت قيمتها إلى حد التدهور.

وقال مسؤول اقتصادي تركي طلب عدم نشر اسمه “تكلفة توتر العلاقات غير محتملة في المنطقة فيما يتعلق بتركيا والإمارات والسعودية”.

كسر العزلة

يرى المراقبون للشأن التركي أن نظام أردوغان يسعى للتقارب مع الإمارات لكونها دولة مهمة في الإقليم من جهة، ولتكون بوابة تمكنه من الدخول إلى منطقة الخليج العربي، من جهة أخرى.

ولذلك عملت أنقرة منذ فترة طويلة على إعادة علاقاتها مع الإمارات وحليفتيها مصر والسعودية، للتخفيف من حدة الخلافات بينها وبين هذا المحور الذي عمل خلال السنوات الماضية على مواجهه ممارساتها، وحاول كشف الوجه الحقيقي للعثمانية الجديدة التي يقودها رئيس النظام التركي عبر أبواقه الإعلامية، والأبواق الناطقة بالعربية الموالية لها، التي كانت تبث من الأراضي التركية.

ويسعى النظام التركي من خلال تقاربه مع الإمارات إلى كسر حالة العزلة التي يعاني منها في الداخل التركي، من خلال تحقيق نصر خارجي يتمثل في التقارب مع الإمارات، ويمكن أن يخفف من الانتقادات المتصاعدة بوجه أردوغان وحزبه.

ويعتقد رئيس النظام التركي أن هذا التقارب يشكل له طوق نجاة قد ينقذه من الأزمات التي تصاعدت بصورة غير مسبوقة لسياساته الداخلية والخارجية، حيث شهدت الساحة التركية مؤخراً، تطورات تؤشر على تحول وشيك، قد يساهم في تقويض شعبيته ويفتح صفحة جديدة في البلاد.