لكل السوريين

انتخاباته البرلمانية الجديدة.. هل تشكّل نقطة تحول بسياسة الاتحاد الأوروبي

انطلقت انتخابات البرلمان الأوروبي للمرة الأولى منذ أن غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسمياً عام 2020، وسط توقعات بتقدم اليمين المتطرف في هذه الانتخابات التي نظمت في ظل ضعف النمو الاقتصادي في دول الاتحاد، والصدمة التي سببتها الحرب في أوكرانيا، وأسلوب التعامل مع الهجرة المتزايدة ومحاولة مواجهة المخاطر التي تشكلها تغييرات المناخ.

وأشارت التوقعات إلى أن أحزاب اليمين المتطرف ستكون أكبر مستفيد من هذه الانتخابات، بما يؤثر على سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة والمناخ، واختيار رئيس للمفوضية الأوروبية.

وبمجرد ظهور نتائج الانتخابات واتضاح ملامح البرلمان الجديد، سيجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي لبدء عملية اختيار الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية، وهو أكبر منصب تنفيذي في الاتحاد الأوروبي.

وتسعى رئيسة المفوضية الحالية أورسولا فون دير لاين للفوز بولاية ثانية، ولتتمكّن من تحقيق ذلك يجب أن تحصل على دعم أغلبية قادة الاتحاد الأوروبي، كما يجب أن يوافق البرلمان الأوروبي على ترشيحها بأغلبية الأصوات، حيث تم اختيارها في العام 2019 بنسبة ضئيلة، ومع التقدم المتوقع للأحزاب اليمينية المتطرفة في البرلمان القادم، قد تواجه تحدياً أصعب هذه المرة للبقاء في منصبها.

نقطة تحول

انتقدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني قوانين الاتحاد الأوروبي، ومركزية القرار المتزايدة فيه، واعتبرت أن “على التكتل أن يكون شريكاُ للدول القومية، وليس بنية فوقية تخنق هذه الدول”.

وشددت على وجود رؤيتين متعارضتين لأوروبا، وهما بحسب وصفها “أوروبا الأيديولوجية والمركزية والعدمية والتكنوقراطية بشكل متزايد والأقل ديمقراطية، وأوروبا الصلبة والشجاعة والفخورة التي لا تنسى جذورها”.

وحشدت ميلوني اليمين المتطرف لجعل انتخابات البرلمان الأوروبي “نقطة تحول”، مؤكدة أنها تريد بناء حكومة يمينية في أوروبا.

وقالت في التجمع الأخير لحزبها “أخوة إيطاليا” بالعاصمة روما، إن فوز أحزاب اليمين سيجعل الانتخابات نقطة تحول، وأضافت أن هدفها هو أن تحقق في بروكسل ما حققته في روما، مشيرة إلى فوز حزبها بالانتخابات الوطنية في أيلول 2022.

وأشارت إلى أنها تريد تحويل اليسار الأوروبي إلى المعارضة بشكل نهائي بعدما “ألحق الكثير من الضرر بالقارة الأوروبية طوال السنوات الماضية”، وفق تعبيرها.

ورشحت ميلوني نفسها في الانتخابات الأوروبية رغم أنها لن تتمكن من شغل مقعدها بسبب عضويتها في البرلمان الإيطالي، مما يجعل ترشحها استفتاء على الفترة التي قضتها في هذا المنصب.

خطر الشعبويين على البرلمان

يرى خبراء في السياسة الدولية أن البرلمان الأوروبي أصبح هدفاً رئيسياً للتيارات اليمينية في مختلف دول الاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى، ويرجحون احتمال حصولهم على أغلبية المقاعد في انتخابات هذا العام للمرة الأولى في تاريخ البرلمان.

وأظهر تقرير صدر عن “فريق التفكير” التابع للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، نسبة عالية لصعود اليمين على حساب يسار الوسط وأحزاب الخضر، مع إمكانية أن تتحول نصف المقاعد إلى نواب من خارج “الائتلاف الكبير” المكون من المجموعات الوسطية الثلاثة.

ويتوقع التقرير أن يتصدر الشعبويون نتائج الاقتراع في النمسا وبلجيكا والتشيك وفرنسا والمجر وإيطاليا وهولندا وبولندا وسلوفاكيا، مع احتمال تقدمهم في دول أخرى من بينها ألمانيا والبرتغال ورومانيا وإسبانيا والسويد وفنلندا وإستونيا ولاتفيا.

ووفق التقرير، من المرجح أن تسفر نتائج الانتخابات عن ائتلاف شعبوي كبير مكوّن من اليمين المتطرف والديمقراطيين المسيحيين والمحافظين، ليحل محل الائتلاف الكبير الذي يسيطر على البرلمان الأوروبي الحالي.

ويحذر التقرير من أن يؤثر صعود اليمين تأثيراً مباشراً في سياسات الاتحاد الأوروبي، وخاصة فيما يتعلّق بدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا، وفي القضايا البيئية، حيث يرجح أن تعارض الأغلبية الجديدة خطط الاتحاد لمكافحة التغير المناخي.

نبذة عن تاريخ الاتحاد

جاءت فكرة إنشاء الاتحاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية، وقامت ست دول بتشكيل المجتمع الأوروبي للفحم والصلب عام 1952، لتكون مسؤولة بشكل مشترك عن إنتاج الفحم والصلب ومشتقاتهما التي كانت ذات أهمية في الصناعة الحرببة، وكانت هذه هي الخطوة الأولى في طريق إنشاء الاتحاد الأوروبي.

وامتد التعاون بين هذه الدول عام 1958، ليشمل السياسة الزراعية والتجارية، وأصبحت عام 1967معروفة باسم المجتمعات الأوروبية.

ومع مرور الوقت، توسع التعاون بين الدول الأعضاء ليشمل المزيد من المجالات، وأصبحت عام 1993 “المفوضية الأوروبية”، وتم تشكيل سوق داخلية مشتركة للسلع والخدمات والأفراد ورأس المال داخل الدول الأعضاء.

وقام الاتحاد الأوروبي عام 1999بتشكيل الاتحاد الاقتصادي والنقدي، وتبني اليورو كعملة إلكترونية موحدة، وفي عام 2002 ظهرت الأوراق النقدية والعملات المعدنية باليورو الذي

تستخدمه اليوم عشرون دولة من دول الاتحاد الأوروبي اليورو كعملة لها.

وعلى مر السنين ازداد عدد الدول الأعضاء بالاتحاد وبلغ 28 دولة، وبعد خروج بريطانيا منه يتكون الاتحاد الأوروبي اليوم من 27 دولة يبلغ عدد سكانها حوالي 448 مليون نسمة.