لكل السوريين

ترميم الآثار عمل تقني فني دقيق.. “سور الرقة الأثري أنموذج”

 إعداد الباحث محمد عزو

قبل أربع عقود من الآن كنت أتابع وبدقة أعمال الفني الممتاز في المديرية العامة للآثار والمتاحف ب”دمشق” المرحوم “نصيب صليبي” في ترميم سور “الرافقة” الأثري، كان رحمه الله يستعمل “الزيج” (الخيط الذي يستعمله المعمار) في ضبط استقامة المدماك الواحد كما أنه كان يستعمل “القدة” في معرفة استقامة الجدار عرضاً وطولاً، فترميم الآثار تعني أنها عملية فنية دقيقة ومتخصصة للغاية يتم من خلالها الحفاظ على الإرث التاريخي والثقافي من خلال إعادة المواد الأثرية إلى حالتها الأقرب إلى طبيعتها ويقصد بها إطالة عمر الأثر والحفاظ عليه.

وقد جاء تعريف عملية الترميم بميثاق البندقية لمنظمة “الايكوموس” عام/1964/م في المادة رقم/9/, بأنه عملية متخصصة بدرجة عالية من التقنية التي تهدف إلى حماية وكشف القيمة الجمالية والتاريخية للمنشآت الأثرية المعمارية.. وتستند عملية الترميم إلى احترام المادة الأصيلة والوثائق الحقيقية.

وتتم عمليات الترميم من قبل آثاريين مختصين ومهندسين من ذوي الصلة بالموضوع عبر دراسات أثرية وتاريخية للمنشأة الأثرية المعمارية سواءً كان سوراً أو كانت كنيسة أو أي مبنى أثري آخر وذلك قبل قيام عملية الترميم.. ومما لا شك فيه أن عمليات الترميم تستند إلى كافة العلوم المحيطة بالحياة بما فيها علم الكيماء، والجيولوجيا، والبيولوجيا، والعمارة والهندسة وغيرها من العلوم التي تخدم بشكل مباشر الواقع البشري وحضارته.. أن الحفاظ  على المنشآت الأثرية في “الرقة” التي هي مباني تراثية يعتبر أحد أهم مظاهر الحضارة السورية حيث تختص عملية الترميم بالجزء المكمل لها وهو الحفاظ على الهيكل الإنشائي والمظهر الخارجي والداخلي وتستند بذلك إلى بحوث وتقنيات تمنح السلامة المتكاملة للكتل والهياكل للمباني والمنشآت الأخرى وتمتد إلى تفاصيلها الجزئية.. سور “الرقة” الأثري  يوجد في جسمه الأساسي فتحات وانهيارات كثيرة، لذلك مع بدء هيئة الثقافة في “الرقة” أعمال الترميم في السور لابد من العمل ببرنامج الترميم والصيانة ليحافظ المبنى او المنشأة على طابعهما الأساسي وفق المنهج الصادر عن مديريات الآثار والمتاحف التالي:

* – عمل الترميم والحفاظ على المنشاة الأثرية والأبنية التراثية يجب أن ينفذ وفق مبدأ الحفظ الدائم.

* – الترميم وأجراء التعديلات ضمن حدود الإدخالات والتعديلات دون إحداث متغير في أداء الوظيفة.

* – المحافظة على العلاقة بين الكتلة والشكل في حالة الاضطرار إلى الإزالة الجزئية أو التعديل.

* – العمل واتباع منهج شدة التخصص للحفاظ على القيمتين الجمالية والتاريخية.

* – استبدال ما هو ناقص يجب أن يكون وفق الأدلة التاريخية والتراثية وانسجام متماثل بالأصل.

* – الحفاظ على التوازن الإنشائي للمبنى الأثري.

* – اعتماد التوثيق الدقيق الدائم في مراحل العمل.

بالتأكيد إن الالتزام بالمناهج العلمية في الترميم والصيانة مع كل مرحلة مراحل العمل يؤمن المسؤولية والسلامة في المبتغى المرجو من أعمال الصيانة والترميم الأثري في سور “الرقة” من قبل  مختصين في الآثار ومهندسين معماريين ومدنيين متمرسين، وفي باقي المنشآت الأثرية المعمارية مستقبلاً.