حماة/ جمانة الخالد
أصبح انتشار النفايات في مدينة حماة مشكلة كبيرة تهدد صحة المواطنين وتؤثر سلباً على البيئة. مع تزايد عدد السكان وتراجع خدمات النظافة، تتراكم النفايات في الشوارع والأحياء السكنية، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصحية وانتشار الروائح الكريهة والأمراض. تعاني المدينة من غياب خطط فعالة لإدارة النفايات، مما يجعل المشكلة تتفاقم يوماً بعد يوم، وتتحول بعض المناطق إلى مكبات عشوائية مليئة بالقمامة التي تجذب الحشرات والقوارض وتلوث الهواء والماء.
تأثير النفايات على الصحة العامة في حماة خطير للغاية، حيث تزداد حالات الإصابة بالأمراض الجلدية والتنفسية والهضمية بسبب تراكم القمامة وانتشار البكتيريا والجراثيم. الأطفال هم الأكثر عرضة لهذه المخاطر، خاصة في الأحياء الفقيرة حيث لا توجد خدمات نظافة كافية. تقول أم محمد، إحدى سكان حي المشرفة: “ابني أصيب بحساسية جلدية بسبب الذباب والبعوض الذي يتكاثر حول النفايات المتراكمة قرب منزلنا. كل يوم نعاني من الروائح الكريهة، ولا نستطيع فتح النوافذ خوفاً من الحشرات والأمراض”.
أما علي، وهو صاحب متجر في وسط المدينة، فيروي معاناته اليومية: “النفايات تتراكم أمام محلي منذ أسابيع، والبلدية لا تزيلها إلا نادرًا. الزبائن يشكون من الرائحة، وأنا أخشى أن تؤثر على تجارتي. حاولت مرارًا تنظيف المكان بنفسي، لكن المشكلة تتكرر لأن الناس يلقون القمامة في الشارع دون أي نظام”.
لا يقل التأثير البيئي لانتشار النفايات خطورة عن التأثير الصحي. عندما تتراكم النفايات في العراء، تتسرب المواد السامة إلى التربة والمياه الجوفية، مما يلوث المصادر الطبيعية ويجعلها غير صالحة للاستخدام. كما أن حرق النفايات العشوائي، الذي يلجأ إليه بعض السكان كحل سريع، يؤدي إلى انبعاث غازات سامة تضر بالهواء وتزيد من تلوث البيئة. في حي الكيلانية، يشكو المزارعون من تلوث أراضيهم بسبب النفايات التي ترمى بالقرب من حقولهم، مما أثر على جودة المحاصيل وقلل من إنتاجيتها.
أما في الأحياء السكنية المكتظة، فإن مشكلة النفايات تتفاقم بسبب عدم وجود وعي كافٍ لدى بعض السكان بأهمية التخلص الصحيح من القمامة. تقول فاطمة، وهي معلمة تعيش في حي العزيزية: “نحاول كعائلة أن نلتزم بوضع النفايات في الأماكن المخصصة، لكن الجيران لا يهتمون، ويتركون الأكياس مبعثرة في الشارع. النتيجة أن الحي أصبح مليئاً بالقمامة، والكلاب الضالة تتجول بينها، مما يجعل الخروج ليلاً خطراً”.
غياب الحلول الفعالة من قبل الجهات المسؤولة يزيد من معاناة السكان. فالبعض يشير إلى أن سيارات جمع النفايات لا تصل إلى بعض الأحياء إلا كل عدة أيام، مما يتسبب في تراكم القمامة وانتشار العدوى. كما أن بعض مناطق المدينة تفتقر إلى حاويات كافية، مما يدفع الناس إلى إلقاء النفايات في أي مكان متاح.
ويتطلب الحل لهذه الأزمة جهوداً متكاملة تشمل تحسين خدمات النظافة، وتوعية السكان، وفرض غرامات على من يخالف القوانين، بالإضافة إلى إنشاء مرادم صحية بعيداً عن المناطق السكنية. لكن حتى الآن، يبدو أن المشكلة في ازدياد، والسكان يدفعون الثمن من صحتهم وراحتهم.
قصص المعاناة في حماة متعددة، فمن الأمراض إلى الخسائر الاقتصادية والتلوث البيئي، كلها تدق ناقوس الخطر وتحتاج إلى تدخل عاجل قبل أن تتحول المدينة إلى بؤرة للأوبئة والكوارث البيئية. النفايات ليست مجرد قمامة مرمية على الأرض، بل هي قنبلة موقوتة تهدد حياة الناس ومستقبل الأجيال القادمة.