لكل السوريين

النظام التركي يصعّد التوتر بالمتوسط، ويراهن على التباينات

تقرير/ لطفي توفيق

عاد التوتر إلى التصاعد مجدداً بين تركيا واليونان بعدما أعلنت وزارة دفاع النظام التركي عن إجراء قواتها البحرية تدريبات رماية بالذخيرة الحية في البحر المتوسط بعد أيام قليلة على انتهاء قمة قادة الاتحاد الأوروبي التي قررت توسيع العقوبات على أشخاص في تركيا بسبب أنشطتها غير القانونية قي التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، وتأجيل إعادة النظر فيها إلى القمة المقبلة في آذار من العام القادم.

وندد وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس بهذه المناورات، وطالب تركيا بوقف استفزازاتها في شرق البحر المتوسط وبحر إيجه، والتوقف عن تهديد بلاده بالحرب.

وانتقد دندياس، موقف الاتحاد الأوروبي الذي “يتحرك بوتيرة بطيئة، تجاه الاستفزازات التركية في شرق البحر المتوسط وبحر إيجه”.

رهان يوناني

اعتبر وزير الخارجية اليوناني أن استمرار أنقرة بتصعيد التوتر سيزيد من فرص فرض العقوبات الأوروبية ضد تركيا، ويساهم في إبعادها عن الاتحاد الأوروبي، ويعيق مساعيها الرامية إلى التقرب من أوروبا، وتكوين علاقة خاصة معها قد تسمح لها بالدخول إلى السوق الأوروبية دون أن تلتزم بسيادة القانون وحقوق الإنسان.

ونوه إلى أن الاتحاد الأوروبي ملزم تاريخياً وأخلاقياً، بالسعي لتغيير موقف تركيا العدواني تجاه اليونان.

وأشار إلى أن العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية مؤخراً على هيئات ومسؤولين أتراك تشكل “رسالة قوية وواضحة” لتركيا، وخاصة أنها جاءت بعد يوم واحد من العقوبات أوروبية ضد أنقرة.

ولفت دندياس إلى أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو دحض ادعاء تركيا بأنها ركن أساسي لوجود حلف شمال الأطلسي في المنطقة.

وأعرب عن اعتقاده بأن الموقف الأوروبي والأميركي سيؤثران على التوازن القائم في حوض المتوسط لصالح بلاده.

ورهان تركي

يراهن النظام التركي في تعنته واستمراره في تصعيد التوتر، على مجموعة من العوامل في مقدمتها تباين وجهات النظر بين دول الاتحاد الأوروبي في التعاطي مع ملف النزاع اليوناني التركي، وعدم وجود سياسة خارجية موحدة لدوله فيما يتعلق بهذا الملف.

وعدم وجود تصور أوروبي موحد إزاء أطماعه بشأن استغلال ثروة النفط والغاز الموجودة في شرق المتوسط التي اتضح من خلال وسائل التنقيب الحديثة أنها “ضخمة وواعدة”.

كما يراهن على أوراق ضغط يستطيع إشهارها بوجه أوروبا وأهمها اتفاق وقف الهجرة المكثفة إلى أوروبا عبر بوابة المنطقة المتوسطية الشرقية الذي أبرم مع الاتحاد الأوروبي عام 2016.

والتهديد بورقة اللاجئين السوريين التي تبتز بها الدول الأوروبية من خلال تهديدها بالسماح لهم بالتوجه إلى هذه الدول، بالإضافة إلى الاتفاقيات الأمنية الأوروبية التركية في مجال التصدي للإرهاب.

مواقف متباينة

في الوقت الذي تصعد فيه فرنسا من لهجتها بمواجه تركيا، وتهددها بفرض عقوبات جديدة عليها، تتخذ ألمانيا نهجاً تصالحياً، وتميل إلى حل النزاع بطرق دبلوماسية.

وترى فرنسا أن التحرك التركي في مياه المتوسط أصبح أكبر من حجمها التقليدي، وصار يهدد المصالح الفرنسية، واعتبرت عمليات الانتشار التي اقدمت عليها تركيا استفزازاً، ودعت إلى استخدام مختلف أدوات سلاح الردع الممكنة لوقف التحرك التركي.

وكثفت وجودها العسكري في المنطقة عبر تمرينات فردية ومناورات بحرية مشتركة مع دول متوسطية، ونشرت سفينتَين حربيّتين وطائرتين من طراز رافال دعماً لليونان.

بينما ترى ألمانيا أن المناورات العسكرية في شرق البحر المتوسط “لا تساعد في خفض التصعيد”، وأن الحل يجب أن يكون من خلال الجهود الدبلوماسية، والدعوة إلى “الحوار ووقف التصعيد” خوفاً من حدوث تصعيد عسكري بين البلدين.

وفي ظل هذه المواقف المتباينة من الصعب أن يتم تقدم جذري باتجاه حل الأزمة المتصاعدة بين البلدين العضوين في حلف الناتو. وهذا ما يراهن عليه النظام التركي.