لكل السوريين

محاولة للعودة إلى الحياة… كرة القدم الشعبية تعيد البهجة والتواصل الاجتماعي في اللاذقية

اللاذقية/ يوسف علي

بعد فترة من الصمت والهدوء الحذر الذي ساد العديد من مناطق ريف محافظة اللاذقية نتيجة الأحداث المؤلمة التي مرت بها المنطقة، بدأت محاولات لإعادة ملامح الحياة تعود تدريجياً لتملأ أجواء القرى والبلدات بنبض جديد ينبع من الفعاليات الرياضية الجماهيرية.

حيث تتصدر رياضة كرة القدم الشعبية المشهد في الريف، محققة حضوراً واسعاً في الملاعب الصناعية المنتشرة في مختلف القرى، مما يعكس رغبة عميقة لدى الأهالي في استعادة حياتهم الاجتماعية والطبيعية.

وتشهد الملاعب الشعبية في ريف اللاذقية إقبالاً جماهيرياً كبيراً، حيث تتجمع أعداد غفيرة من الرجال والنساء، الشباب والأطفال، لمتابعة مباريات كرة القدم بحماس وتشجيع تعلو وجوههم ابتسامات غابت طويلاً عنهم، وكأنهم يعيدون اكتشاف الفرح والبهجة وسط أجواء احتفالية تعكس روح الحياة والتجديد.

هذا المشهد لا يمثل مجرد مباراة رياضية، بل هو رمز واضح لإرادة الأهالي في التغلب على الآلام وعودة التواصل الاجتماعي والتلاحم بين أبناء المجتمع بعد فترة من التباعد والانعزال بسبب الأحداث التي مرت بها المنطقة.

وفي حديث مع زين العابدين، صاحب إحدى المنشآت الرياضية في ريف اللاذقية، وصف المشهد قائلاً: “ما نراه اليوم من حضور جماهيري وحماس لا يشبه فقط مباريات كرة القدم، بل هو مشهد يعيد بناء النسيج الاجتماعي الذي تأثر بشدة في الفترات الماضية، والخلافات التي كانت قد نشأت مؤقتاً تذوب على أطراف الملعب، والتشجيع الموحد يخلق روابط جديدة بين الناس، تجدد أواصر الجيرة والصداقة في المجتمع”.

أما الكابتن مهند، مدرب إحدى الفرق المشاركة في البطولات المحلية، فأكد أن للعودة إلى هذه الفعاليات الرياضية دوراً مهماً يتجاوز الجانب الرياضي، قائلاً: “هذه المباريات ليست مجرد ترفيه أو منافسة، بل هي مخرج نفسي مهم للأهالي الذين تحملوا ويلات الحرب. المشاركة فيها سواء كلاعبين أو كمشجعين تساهم في إطلاق هرمونات السعادة وتقليل حدة التوتر والقلق، كما تمنح الأمل بغد أفضل. إنها بمثابة علاج جماعي بسيط وفعال يعين الناس على تجاوز الذكريات الأليمة، خاصة الشباب والأطفال الذين يحتاجون لفسحات من المرح والطاقة الإيجابية”.

تعكس هذه العودة الشعبية لكرة القدم مدى قوة الصمود والرغبة في استعادة الحياة رغم الظروف الصعبة التي مرت بها المنطقة. الملاعب التي كانت مهجورة لفترات طويلة، تحولت إلى ساحات للتواصل والفرح الجماعي، مما ينعش الروح النفسية والجسدية لأبناء ريف اللاذقية. ويبدو واضحاً أن كرة القدم الشعبية ليست فقط رياضة، بل هي جسر يعيد ترميم جراح المجتمع ويزرع الأمل في النفوس، مشيرة إلى بداية جديدة نحو بناء مستقبل أكثر إشراقاً.

بهذا، تصبح كرة القدم الشعبية في ريف اللاذقية رمزاً للنهوض، وتأكيداً على أن الحياة مستمرة، وأن الفرح الجماعي والرياضة البسيطة هما من أقوى الوسائل لمقاومة اليأس وتحقيق التلاحم الاجتماعي في وجه أصعب الظروف. ويبدو أن الملاعب البسيطة التي كانت تشهد مباريات عادية تحولت اليوم إلى منصات حقيقية لصنع البهجة وإعادة الروح لأهالي المنطقة، الذين يثبتون بإصرارهم أن الفرح ينتصر دائماً.

- Advertisement -

- Advertisement -