تقرير/ سلاف العلي
بدأت الاقاويل والكتابات على النت والشكاوى من سوق الهال بمحافظة اللاذقية مرارا وتكرارا، تارة لتكدس القمامة وغياب النظافة، وتارة أخرى لانقطاع المياه، وكثرة الحفر، وغياب أعمال الصيانة والترميم.
وأن السوق الذي تزيد مساحته على مئة دونم ويضم مئات المحال التجارية، لا يعمل به سوى عامل نظافة واحد، ولهذا السبب كانت لجنة السوق تستقدم عمال نظافة على حسابها ولكن ارتفاع تكاليف أجور العمال أوقف المبادرة، وهذا كاف ليبرر تردي واقع النظافة بالسوق، إضافة الى قلة عدد العاملين في ميدان النظافة وترحيل القمامة، إضافة الى أن السيارات القادمة والمغادرة للسوق والتي يتجاوز عددها ألف سيارة تعاني من مطبات وحفر تزداد تباعا وتتفاقم شتاء، وقد تمت المطالبة مرارا بترميمها، إضافة الى ان أصحاب المحال سددوا كل ما يترتب عليهم من التزامات مالية تجاه مؤسسة المياه، وإلى الآن لم تبادر المؤسسة إلى وصل المياه لهذه المحلات أو تركيب عدادات لأصحابها، وكذلك ان وضع البسطات التي تنتشر بشكل عشوائي في السوق، وقد تم رفع كتب عديدة لتحسين سوية الخدمات في السوق وتقوية الإمكانات وزيادة عدد العمال والآليات، ولم تستكمل كافة أعمال ترميم الحفريات فيه، ولم تستكمل ورشات شركة الصرف الصحي أعمال تعزيل ، وإن السوق يفتقر لخدمات عديدة وصيانات شاملة كصيانة أعمدة الإنارة وغيرها.
وتم البدء بمشروع إعادة تأهيل سوق هال اللاذقية وتنظيم آلية العمل بنظام فوترة بالتعاون بين ، الإدارة المحلية والتجارة الداخلية، بما يضمن تحسين آلية العمل، وتأمين انسيابية المواد من مواقع الإنتاج بأسعار عادلة، وتحقيق التوازن بما يتعلق بأسعار الخضار والفواكه وسواها ما بين المنتجين المزارعين و المستهلكين، وأن المشروع الذي بدئ العمل فيه يتضمن تحسين البنى الفوقية والتحتية، وبناء سور يحيط بسوق الهال، مبنى للإدارة، إضافة إلى 20 مخزنا ومحلا جديدا ليصبح عدد المحال والمخازن 235 ، إضافة إلى إقامة ثلاث ساحات عامة مخصصة لتفريغ وتحميل المواد من السوق وإليها من أرياف اللاذقية والمحافظات الأخرى، وقبان عدد (4) على جانبي السوق لتخديم عملية التبادل التجاري، وكل ذلك من اجل إعادة تنظيم آلية العمل في السوق وعلاقة الفعاليات التجارية الموجودة ضمن السوق مع الفعاليات القادمة من خارج السوق، إضافة إلى تنظيم العلاقة مع باعة المفرق القادمين إلى السوق بهدف الحصول على المواد الاستهلاكية اليومية لمحلاتهم من خضار و فواكه وغيرها من المحاصيل الزراعية، الخدمات العامة للموقع من تحسين الإنارة، شبكة الصرف الصحي، المياه، النظافة، خدمات متعددة أخرى كتنظيم عملية استثمار منشآت المشروع والمتمثلة حالياً بالمحلات القائمة، والشروع بإنشاء سوق هال جديد يحدد موقعه حسب توافر الأراضي المناسبة لذلك، ناهيك ببناء السور المحيط بالسوق مع تنفيذ بوابة دخول و خروج إضافة إلى تنظيم عملية التبادل التجاري من خلال تطبيق نظام الفوترة و مراقبة الأسعار وجودة المواد وتقديمها إلى السوق المحلية، وان يتم التنسيق مع الجهات العامة (مجلس مدينة اللاذقية، الشركة العامة للبناء والتعمير، الشركة العامة للصرف الصحي) لإكمال الخدمات اللازمة في المشروع، على ان تتم المباشرة بصيانة شاملة لشبكة الصرف الصحي في السوق، تزفيت ساحات السوق و تخصيص حيز مناسب لتجميع سيارات النقل و إخراجها من ساحات السوق إلى ساحة انتظار، وذلك نظرا لما تسببه من حالة إرباك أثناء دخول وخروج السيارات الناقلة للمواد، كما يتم العمل على استكمال الخدمات الأساسية من (إنارة- دورات مياه- استراحة للزوار) لتخديم السوق من جميع النواحي.
سوق الهال في اللاذقية من الأسواق المهمة التي تعكس واقع الإنتاج الزراعي، غير أن الملاحظ هذا العام ارتفاع الأسعار بشكل جنوني مقارنة بالعام الماضي، واقع الحال الذي انعكس سلبا على كل من المزارع والمواطن على حد سواء ،فلا المواطن مرتاح من ارتفاع الأسعار، ولا المزارع أخذ حقه من تدني الأسعار مقابل ارتفاع تكاليف الإنتاج، فرغم الإنتاج الوفير من أصناف الخضار والحمضيات وغيرها، التي تكتظ بها محال الجملة في سوق الهال، إلا أن تكلفة إنتاج الخضار ترهق المزارع الذي يتكبد مصاريف ارتفاع أسعار البذار والحراثة وغلاء الأسمدة والبذار والمبيدات الزراعية وغلاء المحروقات، إضافة إلى ارتفاع سعر النايلون والعبوات وأجور العمال والنقل، التي زادت جميعها أضعافا عن العام الماضي، وأيضا ارتفاع العمولة في سوق الهال التي وصلت إلى 7.5 ٪ من المبيعات.
السيد أبو قيس وهو مزارع من البهلولية قال لنا شاكيا من ارتفاع سعر طن السماد، وأجرة سيارة النقل التي وصلت الى المليونين ليرة، وأن عملية البيع في سوق الهال تتم لمن يدفع أكثر وأن اختلاف السعر بين الصباح ونهاية اليوم يعود إلى العرض والطلب، فحين نبدأ بتنزيل محصولنا فجرا يكون السعر مرتفعا ومع مرور النهار يبدأ السعر بالانخفاض وعند نهاية اليوم ينخفض كثيرا، على أرض الواقع المتحكم هو تاجر الفاتورة، ويعود اختلاف سعر المنتج إلى العرض والطلب، ناهيك عن أن هناك ظاهرة سلبية منتشرة هي التلاعب بالوزن والسعر، وأشار إلى غياب الفواتير من قبل تاجر الجملة، وتحكمه بالمزارع وتاجر المفرق، فالمزارع يبيع أغلبية المحصول بالدين لتاجر الجملة، ما يضطره إلى الرضوخ للسعر الذي يحدده التاجر وليس النشرة الصادرة عن التجارة الداخلية، كذلك الحال بالنسبة لتاجر المفرق الذي يضطر إلى الشراء بالدين، وبالتالي لا نجد دورا للمسؤول في سوق الهال والذي من مهامه تدقيق الفواتير.
السيد جهاد من سكان ريف القرداحة قال لنا: الفارق الكبير بين أسعار الجملة في سوق الهال وأسعار المفرق في الأسواق يعود إلى عدة أسباب أهمها أجور النقل الناجمة عن ارتفاع أسعار المحروقات، إضافة لأجور العمال التي تصل إلى ما بين 70 – 100 ألف ليرة للعامل و لفرق المواصفة والضرائب والرسوم التي يدفعها أصحاب المحلات لمختلف الجهات العامة وهامش الربح الذي يأخذه صاحب المحل، وهناك زيادة في تكاليف الإنتاج الزراعي والذي قلل المساحات المزروعة وبالتالي قلل الإنتاج و العرض، ويشبه جهاد الحالة بين المنتج وأسواق الهال بمن يعرض ابنته للزواج ولا يجد راغبين، ويسترجع جهاد عدد المرات التي عادت فيها السيارات بحمولتها إلى أصحابها، لأن البضاعة لم تجد من يريدها، وفي هذه الحالة كل الخسائر يتكبدها المزارع وكل الحلقات الباقية ليست معنية بما يحصل، ويشوب العلاقة بين المنتجين وأسواق الهال خلل كبير، حيث أن كل من يعمل في ذاك السوق يصبح خواجة على حساب تعب وشقاء المزارع الذي لم يتغير حاله خلال عقود عمله في الزراعة، الحلقات كثيرة وجميعها تضمن أرباحها رغم أن الحصة الأكبر لتجار سوق الهال، وحده المنتج الذي يدخل مقامرة مع كل موسم يزرعه، حيث أن احتمالات الربح تساوي احتمالات الخسارة عبر عقود، ورغم كل شعارات الدعم التي تطرحها الحكومة، وأضاف ان الشحينة الذين يقومون بملء الشاحنة بالخضروات من أرض المزارع وإفراغها في سوق الهال، وهؤلاء حصتهم محفوظة ومضمونة وتشكل نسبة لا بأس بها من قيمة أي نقلة خضار أو فواكه إلى سوق الهال، وتسعيرة النقلة ضمن القرية الواحدة لا تقل عن مليون ليرة تبعاً للقرب أو البعد عن سوق الهال، أما النقل بين المحافظات فله أرقام يصفها منتجون بالفلكية، وعندما يصل الشحينة إلى السوق يقصدون تاجر الجملة وهو الوسيط ما بين المنتج وتجار المفرق. هؤلاء يصفهم المنتجون بالزعماء، إذ أنهم يحصلون على عمولة او الكمسيون، لا يتوقف استغلال المزارعين على التحكم في التسعير والنسبة التي يحصل عليها التجار، بل يستغل الكثير منهم حاجة المنتجين للمال، ويلجؤون إلى إقراض المزارعين الذين يضطرون لذلك من أجل شراء المواد الأولية المطلوبة، مقابل التزامهم ببيع محاصيلهم عندهم حصرا دون غيرهم.
يقول أحد خبراء التنمية، لم يرغب بذكر اسمه، إن تحديد نسب الربح للحلقات الوسيطة أمر ضروري ولكن على الواقع لا يحصل، ويتساءل لمصلحة من يخسر المزارع؟ ولماذا لا تلعب مؤسسات التجارة الداخلية دور منافس لأسواق الهال وتشتري بسعر داعم، ثم تبيع المستهلك بربح معقول وتكسر احتكار التسعير من أسواق الهال؟ ولكن لا يحصل هذا.
السيد أبو نورس احد تجار سوق الهال قال: ان اعتمادنا في البيع والشراء على العرض والطلب الذي يعد أساس تحديد سعر كل منتج زراعي, فالمحصول يبدأ بالوصول إلى السوق منذ الساعة الثالثة صباحا، ويتم تسعير المنتجات الزراعية بدءا من الرابعة صباحا، إذ يضع المزارع منتجاته الزراعية لدينا لنبيعها, ونحن بدورنا نتابع مع الزبون تحصيل الأموال وطريقة الدفع, ويضيف: قد يكون الدفع نقدا أو بالتقسيط، فعندما يشتري منا الزبون أكثر من مرة نقدا تتولد بيننا وبينه معرفة ضمن السوق ثم يصبح زبونا يوميا ويبدأ بأخذ كميات كبيرة بالتقسيط وذلك نتيجة ثقة منحها له تجار السوق من خلال التعاملات اليومية فيما بينهم.
السيد أبو هيثم المزارع في مشقيتا قال: نضع محصولنا عند أحد تجار الجملة الموثوقين في السوق والذي يتمتع بسمعة جيدة باعتباره سيسعى لبيع المحصول بأفضل الأسعار، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود تجار ضعاف نفوس يقومون بالتلاعب على المزارعين بطريقة ما أو بأخرى مما يدفع المزارعين إلى ملازمة هذه المنتجات وانتقاء الزبون الذي يدفع المال بشكل مباشر وعن طريق التاجر، ونلازم محاصيلنا حتى لو اضطررنا لقضاء يوم كامل في السوق بسبب وجود تجار يتلاعبون بطريقة ما أو بأخرى من حيث السعر والوزن ونوعية البضاعة.
السيد أبو دريد أوضح: لا توجد آلية واضحة وصادقة متبعة في سوق الهال فضلا عن الأنانية الموجودة لدى بعض تجار السوق، موضحا انه عندما يتم الاتفاق على شراء منتجات معينة تكون مطلوبة بشكل كبير وسريعة البيع نجده يتهرب لتحقيق مصالح مادية أعلى أو خاصة، لكن إلى متى سيبقى جشع التجار هو من يحدد سعر المنتجات الزراعية؟ وأين دور الرقابة التموينية؟ فالمشكلة أن العرض والطلب الذي يتم تحديده داخل السوق يحدد الأسعار في جميع محلات المحافظة ما يستوجب ضبط الأسعار داخل السوق، ان اختلاف الأسعار في سوق الهال يعود إلى العرض والطلب على المادة وتوفرها في السوق, وأن عمليات البيع في سوق الهال تجري عبر ثلاث مراحل, المرحلة الأولى تبدأ عند فتح السوق في الساعة الثالثة صباحا حيث تكون أسعار المواد مرتفعة بسبب قلة المواد المتوفرة، فيما تبدأ المرحلة الثانية عند الساعة السابعة صباحا لتنخفض الأسعار قليلا وتصبح بمعدل المتوسطة بسبب ورود المواد تباعا إلى السوق, أما المرحلة الثالثة فتبدأ في الساعة العاشرة صباحا حيث تنخفض الأسعار بشكل ملحوظ بعد أن يضطر التجار إلى المضاربة بالتخفيض لكي لا تتكدس المواد لديهم لليوم الثاني.
السيد أبو خالد من تجار البازار أضاف: على وقع تدرج الأسعار في سوق الهال تغلب سمة الفروقات السعرية على عمليات البيع في المحال التجارية، حيث أن باعة نصف الجملة وأصحاب المحال لا يشترون بضاعتهم بنفس الوقت من سوق الهال، وأن صنف المادة وجودتها يلعب دورا كبيرا في تحديد سعرها فهناك انواع من الخضار والفواكه تصنف نخب أول ونخب ثاني بالإضافة إلى وجود أصناف عادية منها، وما ينطبق على أسعار الخضار والفواكه يعمم على جميع المواد الغذائية.