لكل السوريين

الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. بين الخطوط الحمراء وتخوفات الإيرانيين ورموز نظامهم

تقرير/ محمد الصالح 

يجمع المراقبون على أن الانتخابات الإيرانية لم تكن حرة ولا نزيهة في ظل حكم آيات الله، حيث تخضع للإشراف المباشر من قبل “مجلس صيانة الدستور”، وهو هيئة تابعة للنظام، ومؤلفة من اثني عشر عضواً، تقوم بتدقيق أسماء المرشحين لمنصب الرئاسة وفقاً لشروط ومعايير صارمة وضعها المجلس.

وبالنسبة لهذه الانتخابات التي ستجري في ظل جو من الاستياء العام بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تمر بها البلاد، كانت معايير المجلس أشد صرامة من المعتاد، بما منع سياسيين معيّنين من الترشح، كما حدد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي مسبقاً، حدود الخطاب الرئاسي، فأمر المرشحين بالتركيز على المسائل الاقتصادية وسبل عيش الطبقة المحرومة، وهما موضوعان أساسيان في حملة المرشح إبراهيم رئيسي.

ومن المتوقع أن تؤدي ظروف هذه الانتخابات إلى تراجع في إقبال الناخبين على الاقتراع،  حيث أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها وكالة موالية للحكومة الإيرانية انخفاضاً بنسبة 7%، في نسبة المشاركة المتوقعة، لتصل إلى 36 % فقط منذ أن أُعلنت قائمة المرشحين.

في حين أن قادة إيران بحاجة إلى نسبة مشاركة عالية لإثبات شرعية نظامهم السياسي الذي يواجه صعوبات جمة نتيجة أحداث السنوات الماضية.

خطوط حمراء

إضافة للمعايير الصارمة  التي وضعها “مجلس صيانة الدستور”، توجد خطوط حمراء لا يستطيع أي مرشح لمنصب الرئاسة أن يتجاوزها.

فقد حذر مدعي عام طهران المرشحين للانتخابات الرئاسية من تجاوز “الخطوط الحمراء” للجمهورية الإسلامية خلال حملاتهم وخطاباتهم الانتخابية.

وفي مقدمة هذه الخطوط الحمراء ما يعرف بمبدأ “ولاية الفقيه”، الذي يمنح السلطة الدينية وصاية على السياسة.

ومن بين الخطوط الحمراء الأخرى التي لم يذكرها مدعي عام العاصمة، التشكيك بمبادئ الجمهورية الإسلامية، والأسس الايديولوجية التي قامت عليها، أو بسياستها الخارجية، إضافة إلى عدم التعرض بالتصريح أو التلميح، للمقامات والمرجعيات الدينية الإيرانية.

إبراهيم رئيسي الأوفر حظاً

يرى المراقبون أن آية الله إبراهيم رئيسي هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بمنصب الرئاسة، خاصة أن المرشد الأعلى علي خامنئي يقود حملة علنية لصالحه فيما يبدو.

وقد تكون هذه الحملة تمهيداً لحملة أخرى قد تصل برئيسي إلى منصب المرشد الأعلى، حيث يعتقد بعض المراقبين لشؤون إيران أن النظام كان يهيئ رئيسي لخلافة خامنئي منذ بضع سنوات، من خلال اتخاذ بعض الإجراءات مثل ترفيعه إلى رتبة “آية الله” وجعل وسائل الإعلام الحكومية تربط صورته بصورة خامنئي بشكل مستمر.

ومع أن الفوز بالانتخابات الرئاسية لا يشكل شرطاً مسبقاً للوصول إلى منصب المرشد الأعلى، إلا أنه يحسن موقع رئيسي بهذا الصدد، كما حدث خلال عملية انتقال خامنئي إلى  هذا المنصب وكان رئيساً للجمهورية آنذاك.

ولاريجاني منافس أساسي

مع أن علي لاريجاني يفتقر إلى الجاذبية بالنسبة إلى عامة الناس، ولا يتمتع بقاعدة ناخبين قوية في إيران، ولكنه يعتبر المنافس الأساسي لرئيسي لأنه يقدم نفسه كمرشح تسوية يمكن أن يجذب أصوات الذين لا يريدون رؤية رئيسي في منصب الرئاسة.

كما أن مسيرة لاريجاني السياسية مثيرة للاهتمام، فقد بدأ كمحافظ انتقد المفاوضات النووية في الفترة 2004- 2005، ثم دعم مواقف روحاني بشأن “خطة العمل الشاملة المشتركة” لعام 2015.

وأثارت هذه التقلبات حملات أطلقها ضده متشددون على وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعارات مثل “لاريجاني هو روحاني” و”حكومة روحاني الثالثة”، من أجل ربط المرشح بسياسات الإدارة الحالية بطريقة سلبية.

ومع ذلك، قد تأتي هذه الدعاية بنتائج إيجابية له، إذا اقتنع بعض أنصار روحاني بأنه سيواصل بالفعل نهج الرئيس.

تخوفات شاملة

يثير وجود سبعة جنرالات في السباق الرئاسي مخاوف الإيرانيين من سيطرة العسكر على مقاليد الحكم.

وتحذر أحزاب سياسية إيرانية من أن وصول أحدهم إلى القصر الرئاسي سيعزز سيطرة العسكر على مقاليد الحكم في البلاد.

بينما يتخوف رموز النظام الإيراني من احتمال ضعف الإقبال الشعبي على الاقتراع، ويعتقدون أن  نسبة الامتناع عن التصويت ستكون مرتفعة بعد نسبة الامتناع القياسية أثناء الانتخابات التشريعية التي أُجريت في شهر شباط من العام الماضي، وبلغت 57%.

ودفع هذا التخوف قائد الشرطة الإيرانية إلى التهديد بملاحقة الأشخاص الذين “يتجاوزون المعايير الانتخابية” و”يشجعون الناس على عدم التصويت”.

كما اعتبر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية إن عدم التصويت في الانتخابات الرئاسية يعني تحقيق إرادة “أعداء الإسلام”.

وقال خامنئي: “يريد البعض التنازل والتخلي عن واجب المشاركة في الانتخابات تحت ذرائع سخيفة، إنها إرادة الأعداء، أعداء إيران وأعداء الإسلام وأعداء الديمقراطية الدينية”.

وأشار إلى إن المشاكل يتم حلها “عبر اتخاذ القرار الصحيح وليس في غياب الاختيار”.