لكل السوريين

بغياب إسباني وحضور أميركي لافت.. يدخل “الأسد الأفريقي” الصحراء المغربية

تقرير/ لطفي توفيق 

اختلفت مناورات “الأسد الأفريقي” هذا العام، عن كل مثيلاتها السابقة، وحملت إشارة واضحة  على وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب المغرب ودعمها لوحدة أراضيه.

وأسقطت المخاوف التي روّجت لها جهات مقربة من البوليساريو حول إمكانية تخلي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن قرار سلفه دونالد ترامب، الذي اعترف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية .

كما شكلت إقامة هذه المناورات على جزء من أراضي الصحراء المغربية، تأكيداً صريحاً على دعم الرئاسة الأميركية الجديدة، لقرار سيادة المغرب على الصحراء.

وهدفت، حسب بيان أركان القوات المسلحة الملكية المغربية، إلى تعزيز قدرات المناورة للوحدات المشاركة، وتعزيز قابلية التشغيل البيني بين المشاركين في تخطيط وتنفيذ العمليات المشتركة في إطار التحالف، وإتقان التكتيكات والتقنيات والإجراءات، وتدريب القوى الجوية على إجراء العمليات القتالية والدعم والتزويد بالوقود جواً، وتعزيز التعاون في مجال الأمن البحري، وإجراء التدريبات البحرية في مجال التكتيكات البحرية والحرب التقليدية.

ويرى المتابعون للشأن الإفريقي في هذه المناورات رسائل واضحة وصريحة لخصوم المملكة المغربية في المنطقة.

“الأسد الأفريقي” في المحبس

في سابقة هي الأولى من نوعها بتاريخ هذه التدريبات العسكرية التي انطلقت لأول مرة عام 2007، يناور “الأسد الأفريقي” في المحبس التي تقع عند الحدود مع الجزائر، مما يؤكد تعمّد اختيار هذا المكان  لما له من تأثير على مستقبل النزاع حول الصحراء.

فالمحبس أقرب نقطة لمخيمات “تندوف” في الأراضي الجزائرية حيث معقل جبهة البوليساريو

التي تعلن منذ أشهر عن عمليات عسكرية ضد المملكة المغربية في المنطقة، وعن قصف يستهدف مواقع جيشها، فيما لم يصدر عن الجانب المغربي أي تعليق في الموضوع.

كما أن شمول مناورات “الأسد الأفريقي” لأول مرة منطقة المحبس يعكس بداية التنفيذ العملي لموقف الولايات المتحدة المتعلق بالإقرار بمغربية الصحراء الذي اتخذته الإدارة السابقة للبيت الأبيض.

غياب إسبانيا

للمرة الأولى تغيب اسبانيا عن المشاركة في هذه المناورات لهذا العام، بعد أن حرصت منذ سنوات على حضور هذه التدريبات الضخمة التي تجرى في المغرب.

ومع أن وزارة الدفاع الإسبانية ذكرت أن غيابها عن هذه النسخة من المناورات كان لأسباب مالية، يرى مراقبون أن السبب الحقيقي وراء عدم المشاركة في مناورات هذه السنة، يعود لإقامة جزء منها على أراضي الصحراء المغربية، وهو ما قد يسبب مشاكل لمدريد، ويفسر بكونه اعترافاً إسبانياً بسيادة المغرب على كامل الصحراء.

وفي هذا الاتجاه ذهبت معظم الصحف الإسبانية.

ولكن الأوساط المقربة من قيادة القوات المنظمة لمناورات الأسد الإفريقي لهذه السنة، أكدت أن هذه القيادة قررت عدم إشراك القوات الإسبانية بهذا التمرين، نظراً للأزمة التي خلقتها مدريد مع المغرب في شهر نيسان الماضي.

وكانت العلاقات المغربية الإسبانية قد تأزمت منذ سماح إسبانيا بدخول زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي أراضيها بهوية مزورة لتلقي العلاج بعد إصابته بفايروس كورونا، وقالت مدريد إنها استقبلته بدوافع إنسانية.

اهتمام استراتيجي

تهدف نسخة هذا العام من برنامج “الأسد الأفريقي” إلى التدرب على مواجهة التهديدات الأمنية في شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، حسب القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا.

وفيما يتعلق بمشاركة جيوش دول من أوروبا وأميركا، تفصل تلك الدول بين سياق المناورات وسياق الإقرار الأميركي بمغربية الصحراء، وتعتبر أن هذه التدريبات التي تنظم سنويا تدخل في إطار استراتيجيات مواجهة الحركات “الجهادية والمتطرفة”، وتنظر إليها في إطارها التقني والعسكري، ولم تعطها بعداً سياسياً كما فعلت إسبانيا.

ويشير المراقبون إلى أن موقع المغرب الاستراتيجي، وعلاقته القوية بالولايات المتحدة الأمريكية، جعلت من المملكة المكان الأفضل لإقامة هذه التدريبات الضخمة التي تجرى بالتعاون بين المغرب والولايات المتحدة الأميركية وشركائهما، وتندرج ضمن الاهتمام الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية بمنطقة شمال غرب إفريقيا.

كما يرى معظم المراقبين أن أهمية هذه المناورات لا تنبع من عدد الدول المشاركة فيها، أو طبيعة التدريبات فقط، بل لأنها تأتي في ظرف سياسي تميز برجوع الولايات المتحدة بقوة إلى القارة الأفريقية، وتركيزها على محاربة الحركات المتطرفة التي أصبحت تنشط بشكل كبير في منطقة دول الصحراء والساحل، وأصبحت هذه المنطقة  الحاضن الأساسي لهذه الحركات، وخاصة بعد الضربة التي تلقتها في العراق وسوريا إثر القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية.