لكل السوريين

قلة كميات الأمطار تجبر الفلاحين على تأخير حراثة أراضيهم

حلب/ خالد الحسين

أُجبر الفلاحون وبسبب قلة كميات الأمطار الهاطلة حتى الآن على ريف مدينة حلب بالتأخر بزراعة القمح والشعير المزروع بعلاً.

وغابت الأمطار عن شهري أيلول وتشرين الأول في أرياف حلب ما زاد من مخاوف فلاحي المنطقة على مواسمهم الزراعية، ودفعهم لتأجيل بذارها علّ مقولات أخرى تنفع هذه المرة بعد أن فشلت مقولة “أيلول ذنبه مبلول”.

تأخر الأمطار زاد من ارتفاع درجات الحرارة التي تراوحت بين 20 إلى 25 درجة نهاراً وانخفضت إلى 5 درجات ليلاً، ما حوّل المناخ إلى ما يشبه المناخ الصحراوي.

الجفاف زاد من مخاوف مزارعين يحرثون أراضيهم بسبب انعدام الرطوبة في الهواء وداخل التربة (الترا)، يثبت ذلك الغبار الذي رافق الجرارات الزراعية عند حراثتها، إضافة لتأخر الأمطار التي اعتاد الفلاحون على هطولها في شهري أيلول وتشرين الأول، منذرة بجفاف يخشى المزارعون أن يكون واسعاً.

أملاً في زراعتها حرث الخمسيني أبو أحمد، مزارع في بلدة مسكنة التابعة لمدينة حلب إدارياً، تربة أرضه بـ “الديسك” بعمق 25 سنتيمتراً، لكن خوفه من شدة الجفاف ما يزال يشغله.

“التربة جافة كلياً والفلاحة حوّلت التربة إلى كدر كبيرة جافة يصعب فرطها، ولا بد من الهطل المطري” يقول أبو أحمد، إذ تحتاج الأرض الزراعية بعد فلاحة الدسك إلى فلاحة بعيار (التسعاوي) بهدف تكسيرها، لكن ودون هطول الأمطار تبقى الفلاحة الثانية غير مجدية، مضيفاً، “أن وضع البذار في تربة جافة يزيد من احتمال فشل نجاحها لأنها لن تصل إلى مرحلة الإنبات، ولا بد من وجود نسبة رطوبة جيدة تساعد على تجاوز المرحلة الأولى من وضع البذار”. تأخر الأمطار هذا العام ليس جديداً، إذ تظهر أرقام الهطولات المطرية غيابها عن شهر أيلول تدريجياً في الأعوام الأربعة الماضية بسبب “أزمة الجفاف التي تجتاح سوريا”، لكن ما أنقذ المزارعون في العام الماضي كان ارتفاع معدل الرطوبة والهطولات المطرية في شهر تشرين الأول. المهندس الزراعي، سامر ياسين، أوضح أن تأخر الهطولات المطرية يتزايد عاماً بعد عام، ما يدلّ على أن المنطقة تشهد “تطرفاً مناخياً”، على حد وصفه، إذ شهدت بداية تشرين الأول في العام الماضي هطولات مطرية لكنها غابت في العام الحالي، وشهدت المنطقة بداية الشهر الحالي منخفض يعتبر غير غزير مقارنة بأعوام سابقة.

وينجم عن تأخر الهطولات المطرية، بحسب ياسين، تقصير نمو النباتات الشتوية بسبب قلة الرطوبة في طبقة الجذور مما يغيب القاعدة المائية في جذور النبات، وتأخر نبات الحشائش البرية التي تساهم في تقوية الغطاء النباتي وتمنع جفاف البيئة، كذلك تأخر انخفاض نسبة الرطوبة الجوية وتشكّل رياح جافة ما يؤدي إلى صقيع.

ويضيف المهندس أن الرياح الشرقية منعدمة الرطوبة تتحول إلى صقيع، ما يسبب ضرر المزروعات التشرينية مثل البطاطا، وهو حال الأحوال الجوية الجافة تماماً والتي تعيشها المنطقة هذه الأيام، ويشدّد على ضرورة الهطولات المطرية في مثل هذا الوقت من كل عام، لما لها من أهمية في وضع قاعدة في الأرض ودفع مرحلة الإنبات، مؤكداً أن الري التكميلي لا يمكن أن يكون بديلاً عنها، رغم وجوده في بعض المشاريع.

“ينتظر المزارعون في ريف حلب مطرة أو مطرتين” بنسب جيدة على أقل تقدير لتقليب التربة (فلاحة مرتين بالدسك وتسعاوي) تحضيراً لبذارها، لكن تأخر الأمطار دفع العديد من المزارعين إلى تأخير الفلاحة، في ظل مخاوف من استمرار أزمة الجفاف وانعكاسها على القطاع الأهم لمعظم قاطني المنطقة.