لكل السوريين

حول التعافي المبكر وإعادة الاعمار

بتصرف واعداد

انعام إبراهيم نيوف

 

مصطلح التعافي المبكر يستخدم عقب انتهاء الحروب والصراعات والثورات وليس في أثنائها حيث إن “التعافي المبكر” يختص في مرحلة ما بعد الصراع وهو بطبيعته مزيج من السياسات المختلفة وتشكل أربعة خيوط رئيسية على الأقل المفاهيم الأساسية للتعافي المبكر:

  • أطر المساعدة الإنسانية.
  • النمو الاقتصادي ونظريات التنمية.
  • مفاهيم بناء السلام والأمن البشري.
  • نماذج الحكم وبناء الدولة.

الأساس المنطقي الأساسي للتعافي المبكر هو دعم السلام من خلال تحسينات سريعة ومرئية في رفاهية السكان، وعادة لا يتم تغطية الأهداف الاقتصادية طويلة الأجل لأنها مشاريع ذات أثر غير سريع.

تتم مناقشة التعافي المبكر بعد الصراع بشكل رئيسي في سياق بناء السلام والأمن بعد الصراع.

يجب أن تشمل سياسات التعافي المبكر استعادة قدرة الدولة على إنشاء الإدارة العامة والخدمة المدنية

تضمنت معظم السياسات حول التعافي المبكر بعد الصراع في إطار أوسع للدول الهشة، حيث يجب تحديد هدف بناء الدولة والحوكمة فيما يتعلق بالانتعاش الاجتماعي والاقتصادي، كما يُنظر إلى بناء الدولة على أنه عامل حاسم لتحقيق الاستقرار وترجمة أنشطة الإنعاش المبكر إلى تنمية طويلة الأمد.

يجب أن تشمل سياسات التعافي المبكر استعادة قدرة الدولة على إنشاء الإدارة العامة والخدمة المدنية، وإنشاء آليات للرقابة والمساءلة والضوابط المالية وكذلك إعادة بناء المؤسسات السياسية التمثيلية وتكريس مفاهيم صادقة حول معنى السلطة الوطنية، والشرعية، والسياسات الفاعلة من أجل النهوض بالدولة، بعيدا عن النزاعات وهشاشة الدولة التي هي سبب رئيس للقلاقل والانتفاضات بوجه الظلم.

كذلك تتضمن سياسات التعافي المبكر اتخاذ قرار بشأن السياسات الاجتماعية – الاقتصادية وتحديد الأهداف الاستراتيجية والوعي بحصول تنازلات ومقايضات مجتمعية محتملة على طريق السلم الأهلي داخل البلد الواحد.

ويبقى التعافي المبكر مفهوم خلافي كبير في الدوائر الإنسانية في السـنوات الأخيرة، وهنالك تباين في الآراء حول هذا المفهوم مع تفسيرا متعددة،

وقراءتنا ونقاشاتنا مع الخبراء في المجال الإنساني، تشير إلى وجودِ ثلاثـة فروق بين التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

  • الأول، أن وضعَ خط إعادة الإعمار وتـنفيذها يَقـعُ على عاتق الدولة، بينما يتم تخطيط وتنفيذُ التعافي المبكر من قبل منظمات الإغاثة، سواء كانت مركزية فردية.
  • الفارق الثاني، هو أن التعافي المبكر شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، أما إعادة الإعمار فإنها تأتـي على هيئة قروض ميـسرة من منظمات منفردة أو متعددة الأطراف، كصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، أما التعافي المبكر فما هو إلا نوع من أنواع المساعدة الإنسانية التي لا تستـلزم السداد لاحقا.
  • الفارق الثالث، هو ان التعافي المبكر يتم ترتيب أولوياته تبعا للاحتياجات الإنسانية، مثل حال المساعدات الإنسانية الأخرى، أما إعادة الإعمار فليست كذلك بالضرورة. عليه، يمكن النظر إلى مساعدات التعافي المبكر على أنها نَشاط يقـع بين النهج السائد اليوم، والمتمحور حول المساعدات الإنسانية الأساسية، كالغذاء والمأوى وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة، من جهة، وإعادة الإعمار من جهة أخرى.

السلطات السورية متهمة دائما باختلاس المساعدات واستخدامها كسلاح، سواء من خلال توزيعها، أو التلاعب بسعر صرف الحوالات المالية للمساعدات، أو طرق توظيف عمال المساعدات والمشـتريات. وقد أدّى ذلك إلى ثني الحكومات المانحة عنِ الإمداد بالمَوادِّ غير الأساسية، كمساعدات التعافي المبكر مثلا. بالإضافة إلى ذلك، أصبح تنفيذ برامج التعافي المبكر، بسبب العقوبات الأمريكية التي ردعتِ المانـحين، ووقفتْ عائـقا أمام إيصال المساعدات.

كما انعكس الغموض الذي يكتـنف تعريف التعافي المبكر في غياب إجماعِ الدول الفاعلة في سوريا على موقفها تجاه هذا الموضوع. ففرنسا، على سبيل المثال، تصر على ان التعافي المبكر لا ينبغي أن يشمل مشاريع البنـية التحتية، بينما ترى المملكةُ الأردنية الهاشمية خلاف ذلك. تخشى باريس أن يساء تفسير مساعدات التعافي المُبكر على أنها رخصةٌ بإعادة الإعمار أو بـأشكالٍ أخرى من مساعدات التـنمية غير الإنسانية بإشراف محدود أو دون رقيب.