لكل السوريين

الجوع وغياب المعيل وتدني الوضع المعيشي.. عمالة النساء في أعمال شاقة تتوسع في “عاصمة الياسمين”

دمشق/ روزا الأبيض 

باتت ظاهرة عمالة النساء في أعمال شاقة تنتشر بشكل كبير في مدينة دمشق وأريافها، فلم يعد لدى النساء وأطفالهن من وسيلة للحصول على لقمة العيش بعد غياب المعيل إلا العمل بمهن كانت حكرا على الرجال.

ليس غريبًا على النساء والفتياتِ السوريات ملازمةُ الرجالِ في أعمال الحياة اليومية، سواءٌ في معاملَ أو شركاتٍ وحتى في أسواقٍ عامةٍ وفي مجالات الصناعة والزراعة والسياحةِ وغيرِها، لكنَّ ظاهرةً غيرَ مألوفةٍ بدأت تنتشرُ معَ اشتداد حَمَلاتِ الحكومة وسوق الرجال للخدمة الإلزامية والاحتياطية، وهي العملُ في مِهن غلب عليه الطابعُ الذكوري منها: المقاهي، والبيعُ في سوق الهال، وقيادةُ وسائلِ نقلٍ عامةٍ وغيرُها، بعدما كانت هذه المهنُ وغيرُها من نصيب الرجال.

بدأتِ المرأةُ الدمشقية ملءَ فراغِ تغيُّبِ الشبابِ في سورية، ولوحظ توجهُها إلى شَغلِ شواغرَ جديدةٍ في الحياة الاقتصادية في مِهن كانت حِكرًا على الرجال، لتأمين مصاريفِ الحياة اليوميةِ والمعيشة، بعد أن غيبتْ الحربُ ربَّ الأسرة، لتصبحَ المرأةُ فجأةً مُعيلَ الأسرة.

أسهمتِ المعاركُ المحتدمةُ على الأرض السورية، وحَمَلاتُ الاعتقال المتواصلةُ لإلحاق الشبابِ بالجيش، في تفاقم هِجرة الذكور وإفراغِ البلاد من الشباب، ولعل نزوحَ آلافٍ من الأسر من الريف إلى العاصمة دمشق بحثاً عن الأمان أهمُّ أسبابِ ظاهرةِ عملِ النساء التي انتشرت كثيرًا في دمشق

وفي سبيل الحصول على لقمة العيش هذه السيدةُ تبيعُ الخبز في شوارعِ دمشقَ بعد أن أرغمتها الظروفُ على ذلك.

ناديا، أرملة منذ العام 2015، قتل زوجها في معارك ريف حمص، تضطر للعمل في النجارة لتأمين لقمة العيش لأطفالها الـ 4، لم تكن تعلم في يوم من الأيام أنها ستكون الأب والأم والمعيل في الوقت عينه، بعد ظروف قاهرة أجبرها على العمل الشاق.

تقول ناديا، “لم أكن أتوقع أن تصل بي الأمور لهذه المرحلة، أعرف نساء كثيرات يعملن في أعمال شاقة للغاية، لكن الوضع المعيشي السيء دفعهن لذلك، وهناك نتائج خطيرة من استمرار هذه الظاهرة، سيما وأن الوضع الاقتصادي بشكل عام يسير نحو المعقد والمعقد للغاية”.

خبيرة اقتصادية، قالت لمراسلتنا إن “المؤسسات العامةِ والخاصةِ تشكو نقصَ اليد العاملةِ الشابة، بدءًا من مراقب الدوامِ وصولًا إلى الأطباء والمهندسين”.

ومن المتوقع أن تتعاظمَ النتائجُ المترتبة على زيادة عملِ النِّساء في سورية، على الحدِّ المألوف، ما يُخلِّفُ نتائجَ اجتماعيةً خطيرة على المجتمع السوري الذي شهد “كوارثَ” اجتماعيةً واقتصاديةً كثيرة منذ اندلاع الأزمة الحالية.