لكل السوريين

عادات التسوق تغير نفسها في الساحل السوري

طرطوس ـ اللاذقية/ ا ـ ن ـ سلاف العلي

 

تبلغ نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90 في المئة من إجمالي السكان، بحسب تقدير وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي في تشرين الأول عام 2021.

ويبلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء نحو 4 آلاف ليرة سورية، ما رفع الأسعار في الأسواق إلى أضعاف مضاعفة، ولا سيما خلال العامين الأخيرين، وزادت مع تفشي جائحة كورونا، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية بتداعياتها العالمية والمحلية، لتزيد الطين بلة، وفي النتيجة المقاربة فقد وصل وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكونة من 5 أفراد إلى أكثر من مليوني ليرة سورية شهريا، ولا يكفي راتب موظف في القطاع الحكومي، أكثر من طعام يومين اثنين، كفطور وغداء وعشاء.

الظروف المعيشية الصعبة أدت لتغيير كبير في عادات السوريين الغذائية والمعيشية الذين كان غالبيتهم، يشترون احتياجات المنزل، بشكل شهري أو نصف سنوي، بخلاف اليوم حيث أصبحت العادات الغذائية تقتصر على معادلة: كل يوم بيومه.

قمنا بعملة استقصائية، حول العادات الجديدة في الشراء والتسوق، وكان هذا التقرير:

سناء ربة منزل وأم لبنت ولولدين يافعين، من ريف جبلة، يعمل زوجها موظف حكومي، من جديد اعتادت أن تزور السمان لشراء أرز بألفي ليرة وشعيرية بـ 500 ليرة، وربما نصف كأس من الزيت النباتي، لتستطيع طبخ صحن من الأرز إلى جانب مرقة البطاطا، التي تفتقر إلى أي إضافات من لحوم أو دجاج.

وسام السيدة الأربعينية من قرية سيانو من ريف جبلة, وعندها بنتين وشاب طلاب, قالت لنا : نذهب الى السوق بكل الم وقهر ونحن ننظر إلى تلك المنتجات المتنوعة من الشوكولا واللحوم والأجبان والألبان، بينما لا نستطيع حتى التفكير بالاقتراب منها أو حتى السؤال عن ثمنها، مضطرين ان نذهب الى محل سوبر ماركت ونشتري البرغل والحمص والعدس والرز , بألفين او بألف  او باقل من كلغ , كنا بالبداية نخجل ان نطلب ذلك, لكننا الان تعودنا على هذه الطرق بالتعامل وأيضا , تعود علينا أصحاب المحلات , واصبحوا اكثر مرونة وتفهم, لطرق الشراء هذه .

أبو منتجب موظف حكومي، في أواسط العمر، لديه اربع أطفال وهو من قرية بلوزة بريف بانياس، قال لنا بلسان حال المقهور والمتألم، تعلمنا طريقة الشراء بالأوقية وبالحبات، وصارت عنا عادة، وغير مزعجة، انما الجو العام مزعج ومؤلم، فقد صرنا نشتري حبات قليلة من الخضروات، كأن تشتري لوازم صحن سلطة واحد، مثل حبتي خيار وحبتي بندورة وباقة من البقدونس، بثمن يصل إلى 3 آلاف ليرة, هذا الأسلوب بالشراء يتواصل مع استمرار تدهور الأوضاع المعيشية.

أبو سليمان صاحب محل سمانة في مديمة جبلة, قال لنا: منذ حوالي السنتين، اصبح الزبائن يشترون بعض أنواع الفواكه غالية الثمن بالحبة، وغالبا يأخذونها لأطفالهم كي لا يحرمونهم من تناولها، ويذكرونهم بطعمها , ومع استمرار ارتفاع الأسعار، باتت ظاهرة الشراء بالحبة تشمل الخضراوات أيضا, ومع ارتفاع أسعار الحبوب مؤخرا، وقبل حوالي السنة تقريبا، بدأ الزبائن يطلبون بخجل شراء قليل من الأرز أو السكر، في البداية رفضت، لكن مع تكرار الطلبات رضخت للأمر الواقع, وتعودنا على هذا الأسلوب, ونحن نضع أمام المحل أكياسا من وزن كيلو غرام واحد، تحوي أرز وسكر وعدس وبرغل وحمص، ومن ثم يبيع منها وفق طلب الزبون، إما بألف أو ألفي ليرة أو أكثر, فمثلا كيلو الأرز يبلغ ثمنه اليوم4500 ليرة سورية , والسكر4000 ليرة سورية والعدس8500 ليرة سورية, والبرغل 6000ليرة سورية، ومعظم الزبائن تطلب الشراء بألفي ليرة او بثلاثة الاف ليرة, وهي أقل من نصف كيلو.

وبحسب أبو جورج صاحب سوبر ماركت في الشارع العريض ببانياس، أعاد كل الكلام السابق، لكنه أضاف: ان هذه الحالة يتم التعامل فيها حتى على الزيت والسمنة، حيث يشتري الزبائن، وفق حاجتهم من السمنة أو الزيت بمعدل يتراوح بين ألف وحتى ألفي ليرة، وأحيانا البعض يشترون بـ500 ليرة، رغم ان الـ500 ليرة لا تشتري أكثر من ملعقة من السمنة، بالتأكيد الوضع السيئ بشكل عام، هو من دفعهم للشراء بهذا المبلغ.

اضافت السيدة اسماء، ان  هذا الأسلوب بات يطيق على القهوة وبعد أن وصل سعر الكيلو غرام الواحد منها نحو50000ليرة ، لذلك صرنا نشتري بألف أو ألفي ليرة , كما هو شراؤنا للمواد الاخرى، وهذا ينطبق  بكل ببساطة, على شراءنا مشروبات الشوكولا الخاصة بالأطفال، والميلو والكابتشينو , والحليب البودرة, واعتقد ان انتشار تلك الظاهرة في سورية، هي كويسة , ومن باب المداعبة والجدية الساخرة , قالت الحمد لله صرنا متل بلدان اوربة , لا نشتري الا حاجتنا, وضحكت من قلبها, واعقبت لكن المشكلة, اننا مجبرون على ذلك, اما في اوربة فهم غير مجبرين.

هند مهندسة مدنية، التي كانت تشتري البرغل والأرز للمؤونة بكميات كبيرة، قبل أقل من عامين، انضمت اليوم لفئة الأشخاص الذين يشترون بالحبة وبالألف والالفين، وأعمل في وظيفتي الحكومية منذ أكثر من 12 سنة، وراتبي مع التعويضات لا يتجاوز 122 ألف (حوالي 30 دولار أميركي)، فكيف يستطيع راتبي أن يكفي شراء 4 كيلو سكر بسعر 4 آلاف للكيلو الواحد، و5 كيلو أرز بسعر 4 آلاف و500 للكيلو الواحد، ثم تأتينا أجور مواصلات، ومصاريف أخرى بالبيت، وزوجها موظف مثلها، وراتبه نفسه،

وعندهم ثلاثة أولاد طلاب مدرسة، وتؤكد ان راتبهما، لا يكفي حتى لو تناولوا البيض طيلة الشهر فقط وبدون أي إضافات، وقالت لو تناولنا 5بيضات على الإفطار ومثلهم على الغداء والعشاء، أي 15 بيضة يوميا سعر كل بيضة 500 ليرة، أي 7500 ليرة يوميا، 225ألف ليرة شهريا، بدون الخبز.