لكل السوريين

ش ش س والمستقبل السوري

حسن مصطفى

مما لا شك فيه أن الجميع بات يدرك أن هناك معادلة واحدة لحل الأزمة السورية، هذه المعادلة التي طرفاها سوريان دون أي تدخل أجنبي أو تأثير خارجي عليهما، فالسوريون وعبر مئات السنين ومن مختلف المكونات والإثنيات كانوا يعيشون على الأرض السورية، ولم يحدث أن وقع أي نزاع بين هذه المكونات على أساس إثني أو عرقي، فالسورييون كانوا يمثلون أجمل لوحة فسيفساء في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كما أنهم كانوا عبر التاريخ بناة حضارة، بعد أن استطاعوا أن يستوعبوا كل الحضارات التي مرت ببلادهم ويصهروها في المنطقة السورية، دون أن يفقدوا خصوصيتهم السورية، أكانت الأرض السورية مهدا لأعرق الحضارات التي شهدها التاريخ، فلا تكاد بقعة جغرافية من أرضها لم تشهد مرور الحضارة عليها.

من هنا نفهم هذا الاستهداف المتعمد من الآخرين و الساعي إلى تفتيت وتمزيق هذه اللوحة السورية عبر إطالة أزمتها التي بدأت بمطالب بسيطة وهي المطالبة بالحرية والكرامة، لهذا نجد أن العالم الذي يخوض صراعاته فيما بين دوله وخاصة الكبرى منها وجد أن من المناسب أن يحقق هدفين بآن واحد، من خلال جعل الساحة السورية ساحة لتصفية نزاعاته، إضافة إلى إفشال مشروع التحرر الشعبي من الاستبداد والحكم الفردي، وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد، ولكن المفاجئ والغير متوقع بالنسبة للاعبين الدوليين على الساحة السورية لم يتصوروا أن جزءا حيويا واستراتيجيا من الأرض السورية قد شهد ولادة إدارة شعبية ذاتية متجذرة قدمت نموذجا فريدا وجديدا بالنسبة للجغرافيا السورية والجغرافيا الشرق أوسطية.

هذه الإدارة التي حملت اسم الإدارة الذاتية الديموقراطية لشمال شرق سورية واختصارا (ش ش س) استطاعت بفضل الحكمة السياسية المدعومة بإرادة شعبية أن تثبت للآخرين أنها أمست الرقم الصعب في معادلات حل الأزمة السورية، وباتت كثير من المناطق السورية تطمح إلى نهج نفس الأسلوب فيها، إدراكا منهم بأن منطقة شمال شرق سورية ستكون هي البوابة للحل السوري، بعد أن سلم الأعداء قبل الأصدقاء بالدور المحوري والهام لهذه المنطقة في حل الأزمة السورية، ولن يكون الحل إلا بتعميم هذه التجربة التي نجحت نجاحا باهرا، بعد أن اجتازت أصعب الاختبارات على سائر المناطق السورية، التي عانت الكثير، وقد دفعت طيلة سنوات الأزمة أثمانا باهظة، وآن لها أن تحقق أمنها واستقرارها، فكانت تجربة ش ش س هي النموذج الهدف الذي يسعى إليه كل السوريين من مختلف المناطق، ومختلف المكونات، حيث وجدوا فيه الأمن والأمان والاستقرار، إضافة إلى الهامش الكبير من الحريات المتاحة للجميع ودون تمييز أو تفضيل بين أي من أبناء المجتمع، حيث بات ش ش س الملاذ الآمن لكل السوريين، لأن الادارة الذاتية ومنذ اللحظة التي رأت النور فيها أعلنت وبكل وضوح أن الجغرافية السورية ومنها جغرافية ش ش س هي لكل السوريين دون تفرقة أو تمييز بينهم.

ولهذا بات العالم اليوم يرى في ش ش س ونموذج الإدارة فيه هو الحل الأمثل والوحيد للأزمة السورية التي طال أمدها وحان الوقت لحلها من أجل أن تعود سورية لأخذ دورها الإقليمي والدولي الذي يتناسب مع إرثها الحضاري والتاريخي وعراقة شعبها العظيم.