لكل السوريين

حلمنا أسيرٌ ينتظر قرارات المعنيين!

في هذا الفصل الشتوي، ومع زيادة الانخفاض في درجات الحرارة خلال هذه الفترة أقف في ركن منزلي البارد أصارع برد الليل الطويل، فتارة ألبس الكثير من الملابس وكأنني كرة ثلجية وتارة أخرى أخلع ملابسي وأزيد من عدد الأغطية، ولكن في كلا الحالتين لا أستطيع الحركة ولا أجد جدوى، فوجهي مزرق من البرد وعيوني جامدة.

وخلال معركتي مع ليلتي الباردة أغفو وأستيقظ، وفي كل غفوة أغفوها أجد في حلمي بأنني في نفس منزلي البارد، وتتكرر سيناريو معاناتي، ولكن فجاءة في هدوء الليل الشتوي أسمع صوتا قادما من بعيد، وكلما اقترب الصوت أقول في قرارة نفسي إنه المخلص الذي أرجوه، وعندما اقترب مني وبانت ملامحه فإذا برجل يشع وجهه نورا يرتدي الضياء لباسا، ويقود عربة يجرها حصان أبيض جميل، وكأن أصوات حافر الحصان عندما تمس الأرض، تقول أتيتك بما تريد، أتيتك بما لم تستطع جميع الإدارات أن تقدمه لك، وكلما اقترب مني أصبح الصوت أكثر وضوحا.

فإذا بهذا الرجل صاحب الهيبة والوقار ينادي بما أراده قلبي، واشتاق لرؤيته، فيرتجف البدن مني لدهشتي لما يقول به من فصاحة اللسان، فإن هذا الرجل ينادي مازوت، مازوت، مازوت يا بردان، مازوت يا مرضان، مازوت يا فقير، مازوت يا محتاج، مازوت يا عجوز، مازوت يا الطفل الصغير، مازوت يا إنسان.

وكلما ازداد الصوت وضوحا تزداد دقات قلبي، ليزداد تدفق الأدرينالين ليزداد نشاط جسمي وترتعش جفوني، وعندما أصحوا من غفوتي هنا أجد نفسي في كأبتي وحيدا بادرا وتنهمل الدموع من عيوني باردة تتجمد على وجنتي من شدة البرد، وحتى المدفأة التي نصبتها تنتظر المازوت لم تعد تؤنسني في شدتي، وفي هذه اللحظة أتمنى أن يسمع أنين قلبي كل من تربع على عرشه وراء طاولته الجميلة، ومن فوقه مكيف الغاز ينفث الهواء الدافئ عليه، لعله يشعر بحالنا، ويدرك بأننا بشرا، ومن حقنا أن نشعر بالدفء في هذا الشتاء، كما هو يشعر بالدفء في مكتبه ومنزله ومنزل أصدقائه.

وأحيانا أفكر بأنني يجب ألا أغفو، فأن مواطن لا يستحق أن يشاهد الدفء حتى في منامه، لأن هذه المنامات سمحت لي بأن أحاول أن أوصل صوتي لهؤلاء المعنيين، الذين قرار دفئنا في صرير أقلامهم، وأنا على يقين بأن صوتي لن يكون أقوى من صوت ضميرهم المبحوح، الذي لا يقوى أن ينبه قلوبهم القاسية.

ما الحل لأكمل هذا الشتاء؟، هل نقرع الأجراس في الميلاد المجيد ونكبر عبر مآذن الجوامع؟، ونرتل في الطرقات دعواتنا، ونقول يا الله يا ملين الحديد يا باسط الأرض ورافع السماء لا ملجئ لنا إلا أنت ولا حول لنا إلا أنت، اللهم كنا معنا وخفف برد شتائنا وأجبر مصابنا واستبدل كل من أستباح حقوقنا، وضيع قوت شعبنا ومنعنا الدفء في هذا الشتاء بخير منه، ينظر إلى حالنا.

ولابد لي أن أكرر في دعواتي، اللهم أيقظ ضمائر أصحاب النفوذ والسلطان، اللهم أيقظ ضمائرهم يقظة تجعلهم ينظرون إلى حالنا ويعملون على تحسين أوضاعنا، ومع هذا سنمضي مع شتائنا البارد وننتظر أن تسمع دعواتنا وأن يقوم كلا من عبد المهباش وبريفان خالد بتحريك أقلامهم لتكتب قرارا يدفئ قلوبنا، ويشعل المدافئ في منازلنا، وأنا عبر مقالي أناجي واااااه مهباشاه واااااه بريفاناه ولعلها أن تستجاب مناجاتي.