لكل السوريين

لمحات من تاريخ المسرح السوري

عرف السوريون التجارب المسرحية العفوية منذ منتصف القرن التاسع عشر على يد رواد عصر النهضة العربية آنذاك.

وأرجع الباحثون بداية المسرح السوري إلى العام 1871، عندما عرض أحمد أبو خليل القباني أول مسرحية له بمدينة دمشق “الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح”، وهي أول مسرحية عربية توافرت فيها شروط وعناصر العرض المتكامل.

واعتبر القباني المؤسِّس الفعلي لفن المسرح في بلاد الشام، حيث أسس أول مسرح عربي في دمشق وقدم من خلاله العديد من العروض المسرحية والغنائية.

وفي عام 1959، اجتمعت الفرق المسرحية والفنية في سوريا تحت إشراف مديرية الفنون التابعة لوزارة الثقافة، وأسست المسرح القومي الذي اعتبر الولادة الثانية للمسرح السوري.

المسرح بين الحربين العالميتين

ارتبطت مرحلة ما بعد القباني باسم عبد الوهاب أبو السعود، وكان ممثلاً ومخرجاً وكاتباً في الوقت نفسه.

كما برز اسم معروف الأرناؤوط كاتباً ومقتبساً ومترجماً، وهو كغيره من مترجمي المسرح آنذاك, كان يتصرف بالنصوص وفق ذوقه وطبيعة جمهوره.

وعلى صعيد التأليف كانت النصوص في تلك المرحلة تستقي موضوعاتها من التراث العربي والإسلامي ومن الأدب الشعبي.

وبين الحربين العالميتين, عادت الفرق المسرحية للظهور بكثرة على شكل أندية فنية وجمعيات خيرية وفي المدارس، في كل من دمشق وحمص وحلب واللاذقية والقامشلي، ونشطت معها حركة التأليف المسرحي الذي اتخذ طابعاً سياسياً وطنياً ضد الفرنسيين.

وبرزت في مجال الكتابة المسرحية أسماء أمين الكيلاني الحموي, ومحمد خالد الشلبي الحمصي, وعمر أبو ريشة, وسعيد تقي الدين, وداوود قسطنطين الخوري, وعبد الرحمن أبو قوس, ورضا صافي, ووصفي المالح, ومراد السباعي, وبهيج غاتا, وفؤاد سليم, وعبد الرحيم الغزاوي.

وكان المخرج آنذاك يقوم بالمهام المرتبطة بتحقيق العرض كافة، من تدريب الممثلين إلى توجيه الدعوات، وغالباً ما كان المؤلفون هم المخرجون ومدراء الفرق في آن معاً.

ورغم توافر عدد كبير من الممثلين بقيت مشكلة العنصر النسائي قائمة حتى أواخر الخمسينات من القرن الماضي إلاّ فيما ندر، ولهذا كان الشباب يؤدون الأدوار النسائية دون أي حرج، حيث كان هذا الوضع رائجاً ومقبولاً من الناحية الاجتماعية، ومن قبل جمهور المسرح.