لكل السوريين

التلاج حلويات طرطوس الشعبية الفريدة

طرطوس/ اـ ن

التلاج أو الثلاج حلويات شعبية تراثية اشتهرت بها محافظة طرطوس منذ عشرات السنين، وتوارث صنعها الأبناء عن الآباء. يقال إنها انتقلت إلى طرطوس من مصر وتسمى فيها كولاج، وهناك من يقول إنها جاءت من ليبيا والتي تسمى فيها ورقة بوريك.

رغم مكوناتها البسيطة والمألوفة إلا أنها لا تزال من أصناف الحلوى المحببة التي تشتهر بها طرطوس وتتميز بها عن المحافظات الأخرى أنها حلويات التلاج التي تعتبر منتجا سياحيا انطلاقا من جزيرة أرواد.

وفي محال الحلويات الأكثر شهرة في مدينة طرطوس تبدو صواني التلاج غالبا شبه فارغة على عكس حلويات أخرى لكون أسعارها تناسب الكثير من الناس مقارنة مع باقي الأنواع.

التقينا السيد يوسف الذي يصنع رقائق التلاج في منزله، ويقوم ببيعها في محله فيوضح قائلا: اقوم بعجن السميد مع قليل من الملح لتصبح العجينة متماسكة، ثم أقوم بوضع العجينة على طبق معدني من النحاس فوق نار خفيفة، وتستغرق عملية شي العجينة دقيقة ليتم بعدها نزعها عن الطبق. ثم أقوم بوضع الرقائق بعضها فوق بعض على طبق مدهون بالسمن أو الزيت، وتترك مدة ساعة ثم توضع بالفرن، وبعد أن تبرد يوضع فوقها القطر وهو عبارة عن ماء مغلي وسكر وقطر صناعي، وتقطع الرقائق حسب الطلب، رغم أن الرقاقة تكون أطيب على التمز، لكن وجود الغاز خفف الجهد والوقت، وساهم في إنجاز عدد أكبر من رقائق التلاج، لكن هذه الأيام اصبح تمز الزيتون غالي جدا والغاز يوم متوفر وشهر غير متوفر، والغاز تدبيره بشكل حر صعب جدا وغال جدا ونتعرض لابتزاز دائما.

السيدة نعمات والتي تعمل في صناعة التلاج منذ اربعين سنة اخبرتنا: تعلمت المهنة على يد المرحومة أم صالح من جزيرة أرواد، وهي من أقدم من كان يعمل بصناعة التلاج، والتي طلبت مني إحضار السميد لأبدأ العمل معها، وعلمتني التطبيش مد عجينة السميد على الطبق النحاسي، ولم نعرف في تلك الأيام الغاز بل كنا نستعمل التمز في صنع رقائق التلاج.

السيد قتيبة الذي تعلم صناعة التلاج من والديه وكان عمره 15 سنة آنذاك وتابع هذه الصنعة منذ خمسين سنة حتى الان، حدثنا عن صعوبات العمل بهذه الصناعة بقوله: العمل يتطلب جهدا ووقتا طويلا لإنجاز الكميات المطلوبة، وأصعب ما في الأمر التعامل مع النار، ففي الصيف يتوقف عملنا بسبب الحر الشديد، وأحيانا نتعرض لخسائر مادية بسبب سوء نوع السميد الذي يرتخي في كثير من الأحيان، ما يضطرنا لاستبداله، العمل على الغاز عوضا عن “التمز” سهل الكثير من الأمور وهذا حسب قوله: «رغم أن الرقاقة تكون أطيب على التمز، لكن وجود الغاز خفف الجهد والوقت، وساهم في إنجاز عدد أكبر من رقائق التلاج، لكن مشكلتنا اليوم بتأمين الغاز دون صعوبات ، واخبرك ان البعض عاد الى الماضي وقاموا بشراء تمز الزيتون واشعاله من جديد رغم ان أسعاره ارتفعت كثيرا لكن سهل تأمينه.

ام عدنان اخبرتنا انها تعلمت المهنة منذ ست سنوات وتعمل إلى جانب زوجها في صنع الرقاقات، وبيعها إلى عدد من محلات الحلويات، وتلبي طلبات جيرانها  واستمرت بالكلام قائلة: التلاج حلويات شعبية يكثر الطلب عليها في فصل الشتاء ونحن نقوم بصنع الرقائق وتوزيعها في الأسواق، كما نلبي طلبات الجيران والتي تكون في معظم الأحيان رقائق ملفوفة ومحشوة بالجوز أو بالكاجو أو بالفستق الحلبي وذلك حسب الطلب، وتتابع حديثها: تأتينا طلبات عديدة من محافظات ومناطق عديدة، مثل اللاذقية و تل كلخ وحمص وحماه وبانياس وجبلة والدريكيش وطرابلس، كما تأتينا طلبات إلينا من الإمارات وأستراليا وامريكا.

أبو سالم صاحب محل حلويات أكد لنا: ان التلاج حلويات شعبية يكثر الطلب عليها في أيام الأعياد، وخاصة في عيد الحلوة وهو عيد شعبي مسيحي واسلامي، ويعود هذا الإقبال عليها لكونها زهيدة الثمن مقارنة بغيرها من الأنواع، كما أنها حلويات مشهورة في طرطوس وكثير من الناس يأتون من خارج المحافظة ويسألون عنها. ولها أنواع كالتلاج السادة، والتلاج المحشو بالجوز أو بالقشطة.

ولا يذكر أبو ياسين الذي يصنع رقاقات التلاج في منزله في جزيرة أرواد أول من ابتكر هذا النوع في مسقط رأسه حيث دأبت عدة سيدات من أرواد بينهن نساء عائلته على تحضير الرقاقات مشيرا إلى أن بساطة المكونات وتوافرها جعل من هذا الابتكار سهلا إلى حد ما مع بعض اللمسات التي تميزه عن غيره، ويوضح أن صنع الرقاقة يتطلب وقتا وصبرا من خلال مد العجينة المكونة من السميد والماء والملح والزبدة دون مواد تخمير على طبق كبير من النحاس ثم شيها على الغاز لدقيقة أو أكثر بقليل حتى يصبح لونها أشقر لافتا إلى أن أسلوب الصناعة اعتمد سابقا على التمز كبديل عن الغاز وهي مادة من مخلفات عصر الزيتون تتكون من قشور حبات الزيتون والبذرة المطحونة مع نسبة من الزيت تسمح بالاشتعال لفترة طويلة وتعطي الطعام نكهة مميزة، وأن العجينة الناتجة تحتاج طريقة حفظ خاصة في أكثر الأماكن برودة في الثلاجة مع ضرورة تغيير مكانها إلى موضع أقل برودة قبل استخدامها بيومين لتأخذ وقتها الطبيعي في الذوبان قبل الاستخدام دون أن تفقد قابليتها للقرمشة التي هي أهم ما يميز التلاج ليتم بعد ذلك توريد العجينة إلى المحال التي تقوم بعملية الحشو.

السيد أبو فهيم وهو صاحب محل حلويات في طرطوس أشار الى ان تنوع طرق تجهيز التلاج حيث يمكن مد الرقائق فوق بعضها على طبق مدهون بالسمن لتترك ساعة قبل شيها في الفرن ثم إضافة القطر كما يمكن حشوها بالجبن الحلو أو الجوز أو الفستق أو الكاجو حسب الرغبة.، وبين أن الكثير من أبناء طرطوس المغتربين أو الذين يعيشون في المحافظات الأخرى يطلبون من أقاربهم إرسال حلويات التلاج إليهم عندما يأخذهم الشوق إلى طعمتها المميزة.

وأشارت السيدة غالية الوافدة إلى طرطوس من محافظة حلب إلى اهتمامها بشراء التلاج جاهزا أو تحضيره في البيت لسهولة اعداده وخصوصا بالجوز حيث يعطي شعورا بالطاقة والدفء.