لكل السوريين

“جامع النوري” بدعة أثرية من الحقبة الزنكية

تتميز محافظة حماة بتنوعها التراثي، وتعود آثار المدينة لمرحلتين تاريخيتين شهدت فيها حضارات مختلفة وقوية، إحداها المرحلة الأيوبية والثانية الزنكية، واندثرت معظم آثار الحقبتين في سوريا وبقي شيئاً منها في حماة.

 

ولمدينة حماة موقع استراتيجي وهذا يفسر كثرة المناطق الأثرية فيها، حيث تقع المدينة بين حلب ودمشق، وشهدت واستمدت المدينة خصوصيتها الأثرية من دمشق وحلب.

 

وأبرز المعالم الأيوبية المتبقية في حماة هو جامع بناه نور الدين زنكي على أطراف حي الطوافرة في منطقة باب الناعورة وحمل هذا الجامع اسمه فسمي جامع النوري، ويقع في القلب الأثري لمدينة حماة، ما بين حي الكيلانية من الشرق والشمال وحي بستان السعادة من الغرب، ومطلاً على الضفّة الشرقيّة لنهر العاصي في محلة باب الناعورة.

 

وبنى الجامع السلطان نور الدين محمود الزنكي عام 558هـ 1162م فعمره يزيد عن 9 قرون وهو أهم آبدة معمارية من العهد الزنكي كان له باب شاهق من الجهة الغربية لكنه هدم وآخر من الجهة الشمالية ما زال قائما وتحته كتابة تؤرخ بناءه بخط جميل وحروف ضخمة محفورة بتاريخ 558هـ.

 

يوجد في الجامع كتابات قديمة حيث تشير الكتابة الأولى المكتوبة بالأغريقية إلى شجاعة أهالي مدينة حماة ضد الحكام الرومان، وتدل الكتابة الثانية المكتوبة بالعربية إلى أن الجامع كان مركزاً للقاءات العلمية. وفي الزاوية الشمالية الغربية ترتفع مئذنة الجامع المربعة التي تتناوب فيها مداميك الحجارة السوداء مع البيضاء.

 

ومن الكتابات الموجودة لهذا الوقت: «بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله محمد رسول الله، أمر بعمل هذا الجامع المبارك مولانا الملك العادل العالم العارف الزاهد المجاهد “نور الدين” ركن الإسلام والمسلمين محيي العدل في العالمين نصير الحق بالبراهين قسيم الدولة القاهرة عز الملة الزاهرة بحير الأمة الباهرة حافظ الثغور غياث الجمهور قاهر المتمردين قاتل الكفرة والمشركين منصف المظلومين من الظالمين، أبو القاسم محمود بن زنكي بن آقسنقر ناصر أمير المؤمنين في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة».

 

وقد احتفظت مديرية آثار “حماة” بمنبر جامع “النوري” في متحفها في مدينة “حماة” كونه تحفة الفريدة من ناحية النقوش الإسلامية التي تعبر بطريقة كتابتها وزخارفها عن فن الزخرفة الأيوبي بكل معالمه، وفي الجامع حالياً نسخة جديدة من هذا المنبر تشبه إلى حد كبير النسخة الأصلية.