لكل السوريين

يوم لإلغاء الرق!

لطفي توفيق

غداً.. يحتفل العالم باليوم الدولي لإلغاء الرق

وللرق.. وتجارة الرقيق شجون قديمة.. وعميقة.

في عام 1442

بدأت رحلة الشقاء

عندما اقتنصت قوى الاستعمار البرتغالية

أول دفعة من الأفارقة..

وبدأ عمل سفن الشقاء

عندما نقلتهم من أدغال إفريقيا..

عبر المحيط الأطلسي

إلى  أصقاع أوروبا.

وبدأت بواكير نظام العبيد.. والعبودية.

وعام 1526 أبحرت سفن الشقاء برحلة العبيد الأولى

من إفريقيا إلى الأمريكيتين

واستعبد المستوطنون الأوروبيون.. سكان أمريكا الأصليين.

وفي ستينيات القرن السابع عشر..

بدأت أعمال الشركة الملكية الإفريقية.. سيئة الذكر.

ومنذ تأسيسها على يد أهل الحظوة والسلطة في إنجلترا

تخصصت بخطف الأفارقة..

وشحنهم إلى حيث يتم استرقاقهم

بموجب صك احتكار صادر عن العرش البريطاني.

تجارة الرقيق عبر الأطلسي.. جلبت الكثير من العبيد إلى أوروبا

والأكثر إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

كان هذا في الماضي..

وفي الحاضر..

تغيرت أساليب الرق.. وأشكاله.. ومسمياته.

وبقي الرق.

ألبسوه أزياء عصرية..

وزينوا وجهه بمساحيق عصرية..

وسوّقوه بمفردات عصرية.

فنمت أشكال معاصرة من الرق..

التمييز القائم على أساس العرق أو اللون.. رق معاصر

التمييز القائم على أساس الأقليات القبلية.. والدينية.. والمذهبية

رق معاصر بطقوس همجية.. ومبتكرة..

عمل الأطفال للحصول على لقمة يومهم..

رق معاصر يفوق بهمجيته كل تصوّر

الاتجار بالأشخاص أو بأعضائهم.. رق بأبشع صوره

الوقوف أمام الأفران لساعات طويلة للفوز برغيف يشبه الخبز أحياناُ.

رق معاصر.. ومذل.

فما أكثر الأيام الدولية.. المخصصة لإلغاء الرق.. والظلم..

والعنف.. والحروب.. والتهجير.. والمجازر.

وما أكثر الخطب الجاهزة والمعلّبة  لهذه الأيام

والأوراق التي تسّود.. وتستهلك في هذه الأيام

وما أكثر المؤسسات.. والهيئات.. والدوائر

والأموال.. المخصصة لهذه الأيام

وما أكثر ما نسمعه عن إنجازات.. هذه المؤسسات..

والهيئات.. والأموال..

وما أقل ما نراه.

الرق.. يغيره جلده.. كما تفعل الأفعى..

ويستمر بنهش أحلامنا.. وقوت أطفالنا.

وتجارة الرق والعبودية.. تزدهر في عصرنا

وقراصنة هذا العصر أكثر همجية.. ووحشية

من قراصنة سفن الشقاء.

ولست أدري إن كان علينا أن نشعر بالخجل من عصرنا.

أم نشعر بالغضب لتسمية عصرنا..

بعصر العدالة.. والمساواة..

وحقوق الإنسان.