لكل السوريين

الجفاف يلحق خسائر فادحة بمزارعي القمح والكمون في حلب وسط غياب الدعم الحكومي

حلب/ خالد الحسين

تشهد محافظة حلب هذا العام موجة جفاف غير مسبوقة، رافقها تراجع حاد في كميات هطول الأمطار، ما أدى إلى أضرار جسيمة في القطاع الزراعي، لا سيما في المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والكمون والشعير. وقد وضعت هذه الظروف القاسية آلاف الفلاحين في مواجهة مصير مجهول، في ظل غياب واضح لأي تدخل حكومي فعلي لتعويض المتضررين أو التخفيف من حدة الأزمة.

ومنذ بداية الموسم الزراعي، لم تهطل سوى كميات محدودة من الأمطار، لم تتجاوز في معظم مناطق الريف الحلبي ثلث المعدلات السنوية المعتادة. هذا النقص الحاد في الهطولات المطرية أثر بشكل مباشر على المحاصيل البعلية التي تعتمد كلياً على مياه الأمطار، وعلى رأسها القمح، الذي يعد أحد الأعمدة الأساسية للأمن الغذائي الوطني.

في هذا السياق، يقول الحاج مصطفى العلي، فلاح من منطقة السفيرة، لمراسل السوري: “زرعت أربعين دونم من القمح هذا العام، ومضى الموسم بلا مطر. المحصول ناشف وما راح يغطي حتى تكاليف البذار. ما في دعم ولا حتى اهتمام، وكلنا خسرنا”.

أما في منطقة تل رفعت، فيروي المزارع حميد كنجو معاناته بأسى واضح: “زرعت الكمون على أمل موسم جيد. اليوم الأرض متشققة، والنبتة ما نبتت حتى. لا ري، ولا سقاية، ولا جهة عم تسأل عنا”.

ورغم تحذيرات مبكرة أطلقتها هيئات زراعية محلية حول مخاطر الجفاف منذ بداية الشتاء، فإن الاستجابة الحكومية ظلت بطيئة ومحدودة للغاية. حيث لم تقدم أي مخصصات لتأمين مياه الري، كما لم توفر تسهيلات تمويلية أو فنية للفلاحين المتضررين.

وفي هذا الإطار، صرح مصدر في مديرية الزراعة بحلب لمراسل السوري – رفض الكشف عن اسمه – قائلاً: “الوضع صعب، وهناك نقص في الموارد، لكن لا توجد حتى الآن خطة طوارئ واضحة لمواجهة هذا الموسم. الجفاف فاجأ الجميع، والدعم محدود بسبب الوضع الاقتصادي المتردي”.

ويعد محصولا القمح والكمون من مصادر الدخل الرئيسية لآلاف العائلات في ريف حلب. ويعرف الكمون بقدرته على التحمل في البيئات الجافة، إلا أنه يبقى حساس جدا في مراحل النمو الأولى. ومع غياب الأمطار تماماً في شهري شباط وآذار، لم يتمكن الفلاحون من تأمين الظروف المناسبة لنموه. وقد انعكس ذلك بشكل مباشر على العمال الزراعيين الموسميين.

في هذا الإطار، تقول أم صبحي، وهي نازحة من ريف حلب الشمالي، لمراسل السوري: “في السنوات السابقة كنا نعتمد على العمل في حقول الكمون عند المزارعين الكبار، لكن هذه السنة، بسبب الجفاف، لم نعمل إلا أيام معدودة تكاد لا تذكر”.

من جانبه، أشار المهندس الزراعي عدنان السيد إلى أن الحلول المتوفرة حالياً محدودة، مشدداً على أهمية التحرك السريع. وقال في تصريحه للسوري: “نحتاج إلى تفعيل مشاريع ري طارئة، مثل إعادة ترميم قنوات الري المدمرة، والتي تعد الوسيلة الوحيدة والأكثر فعالية لري القمح في الوقت الراهن. كذلك، يجب على الحكومة تعويض المتضررين وتشجيع الزراعة البديلة للمواسم القادمة”.

وأصدر اتحاد الفلاحين في حلب بياناً رسمياً دعا فيه إلى “تدخل فوري من الحكومة لدعم القطاع الزراعي ومساعدة الفلاحين على تجاوز الأزمة”، مشدداً على أن “استمرار الجفاف دون تدخل قد يؤدي إلى أزمة غذائية حقيقية تهدد الأمن الغذائي المحلي والإقليمي”.