تقرير/ بسام الحمد
تشهد سوريا موجة حادة من ارتفاع الأسعار طالت معظم المواد الأساسية، وسط استمرار الأزمة الاقتصادية وتدهور قيمة الليرة السورية، حيث بات تأمين الاحتياجات اليومية عبئاً ثقيلاً على المواطنين. ومن أبرز مظاهر هذا الغلاء اللافت، الارتفاع الكبير في أسعار البندورة، التي تضاعف سعر الكيلوغرام الواحد منها خلال الأيام العشرة الماضية، ليصل إلى نحو 10 آلاف ليرة سورية بعد أن كان يُباع بنحو 5 آلاف فقط.
وترافق هذا الارتفاع مع تراجع ملحوظ في المعروض من البندورة في الأسواق السورية، ما زاد من الضغط على المستهلكين الذين كانوا يأملون باستقرار الأسعار مع دخول موسم الصيف. ويعود ارتفاع الأسعار إلى عدة عوامل، أبرزها زيادة الطلب المحلي، ونقص التوريدات الخارجية، وتقلص المساحات المزروعة بالبندورة الساحلية لصالح زراعة الموز، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل بين المدن نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات.
كما شهدت الأسواق غياباً شبه تام للبندورة الأردنية والمصرية، التي كانت تساهم في تلبية احتياجات السوق المحلية، ما قلل من الخيارات المتاحة أمام المستهلكين، ورفع من وتيرة الأزمة. كذلك، اختفت البندورة الباكورية القادمة من وادي اليرموك في ريف درعا الغربي بشكل شبه كامل، بسبب منع الجيش الإسرائيلي للمزارعين السوريين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، ما أدى إلى مزيد من النقص في المعروض خلال هذه الفترة الحساسة.
ومن المتوقع أن تشهد الأسعار بعض الانخفاض مع بداية موسم تسويق البندورة الحورانية للعروة الرئيسية، والذي يرجح انطلاقه مع نهاية شهر حزيران ومطلع تموز المقبل، حيث يُقدّر الإنتاج السنوي للعروة الرئيسية في محافظة درعا بنحو 275 ألف طن. وتُعد هذه العروة من أهم مصادر البندورة في سوريا، وهي تساهم عادة في تحقيق توازن نسبي في الأسواق خلال فصل الصيف.
الأوضاع الاقتصادية المتردية ألقت بظلالها على حياة المواطنين، حيث بات من الصعب على الكثير من الأسر السورية تأمين المواد الغذائية والدوائية الأساسية. وتشير تقارير إلى تزايد معدلات الفقر والجوع في البلاد، مع ضعف القدرة الشرائية لدى شريحة واسعة من السكان.
وشهدت أسواق الخضر والفواكه في سوريا موجة جديدة من الغلاء، بعد فترة قصيرة من الاستقرار النسبي، نتيجة تراجع الإنتاج المحلي. ووفقاً لنائب رئيس جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، فإن أسباب هذا الغلاء تعود إلى انخفاض الإنتاج بسبب قلة الأمطار والانخفاض المفاجئ في درجات الحرارة، إلى جانب تعرض المحاصيل للصقيع في البيوت المحمية، ما أثر سلباً على كميات الإنتاج وجودته.
وأشار حبزة إلى أن الأسعار قد تبدأ بالانخفاض تدريجياً مع تحسن الظروف المناخية وارتفاع درجات الحرارة، مما يسهم في تحسين إنتاج المحاصيل الزراعية وطرح كميات أكبر في الأسواق. وعلى الرغم من هذه الأزمة، حافظت الحمضيات على استقرار نسبي في أسعارها، مدعومة بحركة التصدير المستمرة إلى الخارج.
ويبقى المواطن السوري في مواجهة مباشرة مع تحديات يومية تزداد تعقيداً، في ظل غياب حلول جذرية للأزمة الاقتصادية التي ما تزال ترخي بثقلها على جميع مفاصل الحياة في البلاد.