لكل السوريين

رغم المرض الملازم لها منذ الصغر.. ظروف المعيشة الصعبة أجبرتها على تحمل صعوبة العمل لساعات الليل الطويلة

دمشق/ روزا الأبيض   

بدأت رانية، اسم مستعار لشابة في الثلاثينيات من محافظة السويداء، رحلة البحث عن مهنة إضافية تمكنها من مجابهة الظروف المعيشية القاسية، إلا أنها بهذا العمل زادت من معاناتها لشقين، المرض الذي لازمها منذ الولادة من جانب والاضطرار للإقامة في العاصمة دمشق للاستمرار في عملها الذي مكنها ولو لحد ما من تأمين مصاريف علاجها.

بعد رحلة ليست بالقصيرة وجدت رانية أخيرا عملا يساعدها في كانت تصبو إليه، العمل بصفة محاسب في مسبح نوفارا في وادي بردى بريف دمشق.

إلا أنها ما لبثت أن وجدت نفسها بمثابة شيف في الصالة التي افتتحت في المسبح، لكن ظروف المعيشة أجبرت الفتاة على تحمل العمل الشاق، حسب ما تقول لصحيفتنا.

تقول “رانية”: «لم يخطر لي يوماً أن مهنة المستقبل ستكون كرسون، منذ أن تخرجت من المدرسة واستخرجت شهادة المحاسبة إلا أن هذه الظروف أجبرتني على ذلك”.

وتضيف “الحياة شاقة وصعبة للغاية، أنا مصابة بمرض منذ صغري، وأحتاج لعلاج دوري، وكما تعلمون الوضع الاقتصادي كارثي في سوريا، ونحن النساء نعتبر الخاسر الأكبر، ولا سيما الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد، أضف إلى ذلك وضع الأهل المادي الذي يجبرنا على العمل بأنفسنا في أعمال كنا نراها مقصورة على الرجال في بلدنا”.

يبدأ عمل رانية في المسبح منذ الساعة الخامسة، وتستمر حتى الواحدة مساء، في أغلب الأحيان تذهب للعمل أثناء الدوام بالباصات أو السرافيس، لكن المشكلة تكمن في العودة إلى المنزل الذي تستأجره، فالوقت متأخر ولا يوجد سيارات نقل عام.

وتتقاضى رانية في الشهر راتبا مقداره 175 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ جيد قياسا بالرواتب التي يتقاضاها العاملون في مناطق الحكومة سواء إن كانوا موظفين في القطاع الحكومي أو حتى نسبة كبيرة من الذين يعملون في القطاع الخاص.

ومع ذلك، فإن نسبة الراتب لا تكاد تكفي لسد مصاريف علاج 7 أيام فقط، ما جعلها مجبرة للاستمرار في عملها رغم المشقة التي تواجهها في المسبح.

واضطرت العديد من النساء السوريات ولا سيما اللاتي بقين في سوريا ولم يهاجرن في سنوات الأزمة للعمل في أعمال كانت حكرا على الرجال، وتصعب على النساء القيام بها، كالعمل في شيف مطعم أو في أعمال البناء وبعض الأعمال الأخرى.

وبحسب رانية، فإن “الأرامل النسبة الأكبر من بين النساء اللاتي يعملن ليل نهار”، مرجعة ذلك لعدة أسباب، أبرزها “فقدان المعيل وانعدام الدعم في ظل غياب شبه تام للدور الحكومي لدعم الأسر المنكوبة من جانب، والعقوبات المفروضة على دمشق التي منعت تدفق المنظمات لمناطق الحكومة”.

وتعد محافظة دمشق من أوائل المحافظات السورية التي تكثر فيها نسبة المطلقات، فيما احتلت طرطوس المرتبة الأولى من بين المحافظات التي تشهد تواجد أرامل فيها، بحسب تقرير إعلامي سابق كانت قد نشرته صحيفة الشرق الأوسط.