لكل السوريين

علي العلي: التوتر الأمني على الحدود اللبنانية السورية مرحلة جديدة في الصراع الإقليمي

حاوره/ مجد محمد

نوه علي العلي إلى أنه الاشتباكات الأخيرة والتوتر الأمني على الحدود اللبنانية السورية تشكل مرحلة جديدة في الصراع الإقليمي الدائر، حيث تتداخل الأبعاد الأمنية والسياسية والطائفية، بينما تسعى سوريا لفرض سيطرتها الكاملة على أراضيها يواجه “حزب الله” تحديات غير مسبوقة تهدد وجوده العسكري على الحدود مع سوريا.

تشهد الحدود اللبنانية السورية توتراً متصاعداً بعد اشتباكات عنيفة بين القوات التابعة لسلطة دمشق وعشائر لبنانية، وسط تحركات عسكرية تهدف إلى فرض السيطرة على المعابر الغير شرعية وانهاء نفوذ بعض الفصائل المسلحة، بما في ذلك مجموعات تهريب الأسلحة والمخدرات، وقد دفعت وزارة الدفاع التابعة لسلطة دمشق بتعزيزات إلى ريف مدينة القصير في ريف حمص الغربي مما أدى إلى هدوء نسبي بعد اشتباكات عنيفة، وأعلنت إدارة أمن الحدود السورية سيطرتها الكاملة على الحدود مع لبنان مؤكدة نشر قواتها على مفارق القرى التي تم تمشيطها من قبل القوات العسكرية التابعة لسلطة دمشق، وأوضحت أن العمليات العسكرية أسفرت عن اعتقال خمسة أشخاص بينهم تجار سلاح ومخدرات بعد معارك مع مجموعات عشائرية لبنانية بالقرب من معبر مطربة غير الشرعي.

وعلى الجانب اللبناني انتشر الجيش اللبناني بكثافة ورد على القصف القادم من الجانب السوري، حيث سقطت قذائف عدة في مدينة القصير، ووفقاً لمقاطع مصورة متداولة فقد استخدمت القوات العسكرية التابعة لسلطة دمشق مدرعات ودبابات لدعم الحملة الأمنية المستمرة في المنطقة، وتشير التقارير الميدانية إلى أن أحد الاهداف لهذه العمليات هو إنهاء نفوذ حزب الله في الأراضي السورية وخصوصاً في منطقة القصير، التي كانت تعتبر معقلا استراتيجياً للحزب منذ تدخله العسكري لدعم النظام السوري البائد عام ٢٠١٣

وبحسب المصادر فأن القوات العسكرية التابعة لسلطة دمشق تسعى إلى إعادة رسم الخارطة الأمنية في المنطقة عبر تفكيك البنية العسكرية والاقتصادية التي أنشأها الحزب والتي تشمل تجارة المخدرات وتهريب الأسلحة، وقد زادت هذه التحركات من حدة التوتر مع العشائر اللبنانية التي تحالفت مع الحزب خلال سنوات الحرب لكنها تواجه اليوم تغييرات ميدانية قد تؤثر على مصالحها.

وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا “السوري” حواراً مطولاً مع الأستاذ علي العلي عضو الحزب الشيوعي السوري الذي تم حله بعد سقوط نظام الأسد، ودار الحوار التالي:

*الحدود اللبنانية السورية تشتعل، من يقف وراء هذا التصعيد؟

هذا التصعيد لم يبدأ في الأيام المنصرمة وإنما بدأ منذ لحظة سقوط نظام بشار الأسد، يعني ما إن سقط بشار الأسد حتى بدأ التوتر على جانبي الحدود اللبنانية السورية، وهذا التوتر هو في ازدياد وتصعيد مضطرب حتى بلغ في الآونة الأخيرة مبلغاً يشي إلى كثير من الخطورة، ويبدو إن الأيام القادمة وحتى لا أقول الأسابيع القادمة بناءً على المعطيات والمعلومات الميدانية والتحليلات والآراء السياسية يبدو أننا سنشهد تصعيد أكبر في القادم من الأيام، القصة أكبر من قصة تهريب أسلحة ومخدرات، فقرابة ٣٧٥ كلم تقريباً من شمال مزارع شبعا اللبنانية من بلدة ديك جن السورية ومروراً بالمصنع ثم الحدود الشمالية وانتهاء بالساحل السوري اللبناني، لماذا هذه المنطقة بالذات تشهد هذا التصعيد، يعني أن التصعيد في منطقة محددة ومعروفة وإلا فأن على مر التاريخ والأزمنة جميع جوانب الحدود في أي منطقة وفي أي بقعة جغرافية في هذه البسيطة تكثر فيها عمليات التهريب والممنوعات والمخدرات وما إلى ذلك، الحدود اللبنانية أنا بتصوري كلها تشهد هذه الممنوعات ولكن في هذا الظرف الحساس بعد سقوط نظام الأسد وخاصة وأن إسرائيل قد أنهت حربها البرية والتي لم تنجح بها، توعدت بأنها ستواصل التضييق على حزب الله

*الحديث عن الأبعاد الميدانية والعسكرية والحديث عن حزب الله في هذه المنطقة، من أين يجب أن نبدأ؟

ما نراه اليوم شيء طبيعي جداً لأي دولة تحاول إنشاء نفسها مثل سوريا اليوم، العودة إلى درجة معينة من المنطقية في حماية حدودها وأراضيها وحتى الشعب السوري من تدخلات خارجية وتهريب السلاح المنفرد والمخدرات أيضاً، للأسف الوضع الجيوسياسي في المرحلة الماضية بين نظام الأسد وحزب الله والراعية إيران أدى إلى وضع أمني ووضع اجتماعي غير طبيعي، ونتيجته انفلات الحدود ووجود عصابات وهي ليست مجهولة وهناك مسلسلات متلفزة درامياً الجميع يعرفها عن الوضع في هذا المنطقة، فأي مشاهد عربي يعرف وضع هذه المنطقة بأنها مدججة السلاح والفلتان الأمني وتنتشر فيها العصابات والجريمة، ولم تستطيع في الماضي أي قوة أمنية الدخول إلى هذه المنطقة حتى حزب الله لم تكن علاقته بالمنطقة دوماً جيدة.

*ما يحدث الآن، وكيف تؤثر السيطرة على موازين القوى في هذه المنطقة انطلاقاً من إنها منطقة كانت لا تستطيع العسكرة الدخول إليها سابقاً؟

المنطقة غالبيتها تقع داخل الجغرافية السورية وسكانها يحملون الجنسية اللبنانية منذ عشرات السنين، فالقرى والمزارع عددها ما يقارب الثلاثة والعشرين غير مرسمة الحدود السورية واللبنانية بينهم بشكل واضح، فالآن سلطات دمشق تحاول بسط نفوذها على المنطقة وهذا حقهم الطبيعي، ولكن كان من الأجدر أن يتم ذلك بالتعاون مع الجيش اللبناني كي لا تصبح هناك مواجهة بين الجيشين مثلما رأينا في الايام الماضية، ولكن بذات الوقت يجب تذكر أنه إبان حكم الأسد فأن الجيش اللبناني لم يستطع الدخول إليها وكانت تحت إدارة شعبها الذين يتعاونون مع حزب الله ومحولين المنطقة إلى ساحة تهريب للممنوعات، ومن هذا انطلقت ربما السلطات السورية بحملتها لهذه المنطقة من دون إعارة اهتمام للجيش اللبناني الذي أساساً هو لم يستطع الدخول إليها في السابق

*من الناحية السياسية، ما الرسائل التي تريد سلطات دمشق إيصالها للإقليميين؟

ليست دمشق تريد إيصال رسائل، فالقصة أكبر من قصة هيئة تحرير الشام ومن السلطة الجديدة في سوريا، فإذا كانوا يريدون مكافحة تجارة المخدرات فهل الأمر يحتاج إلى تهجير قرى بأكملها؟، الأمر متعلق بفلول النظام السابق وحزب الله في المنطقة أيضاً، فهذه ضربة عسكرية لحزب الله كي لا يستمر بتجاراته الممنوعة في المنطقة وقطع إمداداتهم المادية وكذلك اضعافه عسكرياً ومحاولة طرده من سوريا وحتى بالقرب من حدود سورية، وهذه محاولة من السلطات الجديدة من دمشق وربما تكون بنصيحة من إسرائيل بطرد حزب الله من الجغرافية السورية من أجل عدم تقدمها في الداخل السوري في محاور اخرى

*برأيك، ما هو الحل لإنهاء ما يحصل الآن؟

لا يجوز أن تتصارع فئات مسلحة لبنانية مع الجانب السوري الرسمي في ظل صمت الدولة اللبنانية، لذلك تدخل الجيش اللبناني وطلب من مسلحي العشائر الانسحاب، الحل الأمثل للوضع الراهن يكمن في التواصل المباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية، فلبنان لا يرغب في مواجهة عسكرية مع أطراف تابعة لسلطة دمشق، خاصة أن الاشتباكات بين الجيشين اللبناني والسوري نادرة تاريخياً، لذلك يجب التركيز على الجهود الدبلوماسية لتجنب التصعيد العسكري وضمان احترام الحدود بين البلدين.