لكل السوريين

لتراجع إنتاجها مزارعو الحمضيات يتجهون لزراعة التبغ بدلاً منها

حماة/ جمانة خالد   

بعد أكثر من عقد كامل على الخسائر المتتالية، تراجع إنتاج الحمضيات في سوريا بشكل لافت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة واستعاض بعض المزارعين عن أشجارهم بزراعات بديلة أبرزها التبغ الذي بات اليوم يشكل بديلا كبيرا عن الحمضيات مع سهولة بيعه وأسعاره المرتفعة.

في العام الماضي بلغ إنتاج المنطقة الساحلية من الحمضيات 788 ألف طن من أصل 800 ألف طن الذي هو إنتاج سوريا من الحمضيات، بانخفاض وصل إلى 32% عن المواسم السابقة وفق ما ذكر مدير مكتب الحمضيات.

ووفق أرقام الحكومة السورية تبلغ المساحة المزروعة بالحمضيات في الساحل السوري، وريف حماة في الغاب ومصياف نحو 43 ألف هكتار ويعمل بهذه الزراعة أكثر من (56) ألف أسرة.

وخلال السنوات العشر الأخيرة تكبدت زراعة الحمضيات التي تعتبر من أكثر الأشجار انتشارا في الساحل السوري وجبال اللاذقية، خسائر كبيرة بفعل عدة أسباب أبرزها ضعف التصدير ورخص الأسعار نظرا لكثافة المعروض وغلاء وسائل النقل حتى بات المحصول لا يغطي تكاليف الإنتاج، ما دفع بعض المزارعين للإضراب والامتناع عن جني المحصول وآثر بعضهم قلع الأشجار.

ومع حرائق العام الماضي التي قضت على مساحات زراعية واسعة في الساحل فضل العديد من المزارعين الاستعاضة عن أشجار الحمضيات بزراعات التبغ.

وفي هذا الصدد أوضح محي الدين غالي وهو أحد المزارعين في ريف مدينة مصياف أن السبب الرئيسي لتراجع زراعة الحمضيات في المنطقة، هو انعدام مردوها الاقتصادي طوال السنوات الماضية موضحاً أنَّ الحمضيات ورغم أنَّ تكاليف زراعتها تعتبر رخيصة مقارنة بباقي الزراعات إلا أن أسعارها بسبب كثرة المعروض وغلاء أجور المواصلات وضعف التصدير أدى لانخفاض الأسعار ما جعل الخسائر تلاحق المزارعين طوال السنوات الماضية.

وحول الإنتاج المتوقع هذا العام قال إبراهيم حنون إن الموسم هذا العام سيئ بسبب قلة فترات التغذية الكهربائية، ونقص مادة المازوت الزراعي، وقلة مياه الري وارتفاع تكاليف الإنتاج، مشيراً إلى أنَّ مشكلة التسويق والتصدير لا تزال أيضاً تشكل العائق الأكبر للمزارعين رغم كثرة الوعود الحكومية بحل المشكلة.

زراعة التبغ بدلاً من الحمضيات

وأمام هذا الواقع قام العديد من المزارعين في الساحل السوري والسفح الشرقي لجبال اللاذقية، بزراعة التبغ بدلاً من الحمضيات حيث شهدت زراعة التبغ انتعاشاً واضحاً في الساحل السوري لاسيما بعد الحرائق.

ووفق خالد وهو مهندس زراعي في مصياف فإن التوسع بزراعة التبغ جاء لأسباب عديدة أهمها تشجيع الحكومة لهذه الزراعة لتأمين القطع الأجنبي من خلال مضاعفة أسعار الشراء من المزارعين وهو أمر لم يشمل الزراعات الأخرى، بالإضافة إلى وجود سوق أسود لتصريف المنتج بأسعار أعلى من الحكومة السورية، بالإضافة إلى ملائمة المنطقة الجبلية في الساحل لهذه الزراعة.

ويوضح خالد في حديثه أن أصناف التبغ تهرب إلى خارج البلاد، وما تبقى من أصناف، تشتريه المؤسسة العامة للتبغ الملتزمة بشراء كامل المحصول، وذلك بالتزامن مع “تحول سوريا إلى منطقة لزراعة الحشيش والمخدرات بعد أن كانت دولة عبور فقط”.

وتوضح أرقام المؤسسة العامة للتبغ، أن هذه الزراعة باتت تشكل المنتج الزراعي الثالث في سوريا ويعمل في زراعته نحو 60 ألف مزارع، ويعيش على زراعته وصناعته وتجارته، نحو 90 ألف نسمة. وتؤكد مصادر أن زراعة التبغ امتدت خلال السنوات القليلة الماضية، من الساحل إلى منطقة الغاب في ريف حماة وسط سوريا.