حمص/ بسام الحمد
الزيتون في سوريا، لطالما اعتبره السوريون من أهم الأشجار والزراعات التي يعتمدون على إنتاجها بشكل موسمي، سواء لبيع الزيتون “الحَب” كما يسمونه، أو لعصره والحصول على الزيت أيضا لبيعه أو للمونة، ولكن خلال العامين الأخيرين أصبح الزيتون وإنتاج الزيت عبئا على السوريين لارتفاع تكاليف إنتاجه، التي باتت توازي سعر البيع داخليا أو حتى عند تصديره.
ويقول مسؤول في زراعة حمص، إن الحالة العامة لمحصول الزيتون للموسم الحالي مبشرة وجيدة وخاصة في مناطق الريف الغربي، في حين تعتبر متوسطة في مناطق الريف الشرقي، موضحاً أن الموسم الحالي جيد بالنسبة للمنطقة الغربية نتيجة الجو المناسب من رطوبة عالية وانخفاض درجات الحرارة وكلها عوامل أدت إلى نجاح المحصول أثناء تفتح البراعم والأزهار، أما المنطقة الشرقية فالموسم فيها بحالته متوسطة نتيجة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة أثناء تفتح البراعم والأزهار الأمر الذي أدى إلى انخفاض في حمل الأشجار على عكس الموسم الماضي.
والعناية بأشجار الزيتون أصبحت مكلفة للغاية بحسب المزارعين، الري يحتاج لمبالغ كبيرة، والفلاحة أيضا وحتى رش الأشجار بالمبيدات لمنع التسوس وغيره، أضافة إلى العديد من الأمور الأخرى.
تكاليف الزيتون لا تقتصر على الري والفلاحة والأعمال التي تسبق القطاف، وإن كانت أساسية ومهمة، فعند الوصول إلى موسم عصر الزيتون بعد منتصف تشرين الأول/أكتوبر من كل عام تبدأ تكاليف أخرى بالظهور ويتم التعامل معها بشكل مختلف بين شخص وآخر من المزارعين.
الارتفاع غير المسبوق في تكاليف إنتاج زيت الزيتون، يترك آثاره على سعر مبيع ليتر الزيت، ويؤكد منتجون أن هنالك أرقاما كبيرة يدفعونها هذا العام لقاء كل عبوة زيت يشعر أغلبية المستهلكين بوطأة سعرها، وقدّر بعضهم الزيادة عن تكاليف العام الماضي بمقدار الثلث.
ويقول مزارعو زيتون في حمص، إن المستهلكين عموما يبدون استياء أكبر من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية من دون غيرها من السلع، التي يرتفع سعرها يوميا بما في ذلك الزيوت النباتية، ولكن يوضحون أن تكاليف إنتاج الزيت تتوزع على أكثر من مرحلة، فهي تصل إلى أكثر من 400 ألف ليرة لكل دونم زيتون، وتتوزع بين تكاليف حراثة الدونم التي تصل إلى 80 ألف ليرة، وأجرة عامل التقليم 25 ألف ليرة يوميا، ويصل سعر كيس السماد الواحد إلى 250 ألف ليرة.
هذه التكاليف كلها لمرحلة ما قبل الإنتاج، وعند الوصول إلى مرحلة الإنتاج تظهر التكاليف الأكبر، حيث تصل أجرة عامل القطاف في اليوم إلى 35 ألف ليرة، أو 5 آلاف ليرة لقاء كل” تنكة” زيتون يقطفها.
ويقدر الإنتاج الأولي لمحصول الزيتون للموسم الحالي، بما يزيد على 93 ألف طن بزيادة نحو 50 ألف طن عن العام الماضي أي بنسبة تزيد على 100 بالمئة من إنتاج الموسم الماضي، ويخصص 20 بالمئة من إجمالي إنتاج الزيتون للمائدة و80 بالمئة منه للعصر، ويصل عدد أشجار الزيتون الكلي على امتداد المحافظة إلى حوالي 16 مليون شجرة والشجر المثمر منها يقارب عددها 14 مليون شجرة بمساحة إجمالية تزيد على 96500 هكتار منها حوالي 11 ألف طن سقي وأكثر من 82 ألف طن بعل.
وستبدأ القطاف في حمص بدءاً الشهر الجاري، ونفذت مديرية الزراعة عدة ندوات وبيانات عملية عن الأساليب والطرق السليمة لقطاف محصول الزيتون، وقدمت للمزارعين أهم الإرشادات والتعليمات الفنية المتبعة للحصول على موسم وفير، مشدداً على ضرورة الالتزام بموعد محدد للقطاف لإنتاج زيت عالي الجودة، واستخدام القطاف اليدوي وتجنب استخدام العصا في القطاف منعاً لتكسر الأغصان، وعدم خلط الثمار المتساقطة على الأرض مع الثمار المقطوفة وفصل الأوراق والأتربة والحصى عن الثمار المقطوفة وتعبئتها في صناديق بلاستيكية مهواة، وألا تزيد الفترة الفاصلة بين القطاف والعصر على 48 ساعة، وتخزين الزيت في عبوات معدنية وألا تزيد درجة الحرارة أثناء عجن الثمار في المعصرة على 28 درجة مئوية.
وتم تحديد موعد افتتاح المعاصر قبل أسبوع من البدء بعملية القطاف للقيام بأعمال الصيانة والتجهيز والتجريب لموسم العصر، استعداداً لاستلام محصول الزيتون، ويبلغ عدد المعاصر العاملة في المحافظة 54 معصرة هذا العام، في حين أن الجولات من المديرية مستمرة على المعاصر للتأكد من الصيانة ومن جاهزية العمل والتزامها بالأسعار والمواصفات القياسية.
وحُددت أجرة عصر كيلو الزيتون في مختلف معاصر حمص بمبلغ 200 ليرة سورية في حال احتفظ صاحب المعصرة بالبيرين، وبمبلغ 250 ليرة سورية لكل كيلو زيتون في حال قام المزارع بأخذ البيرين، ومن الممكن أن تدفع الأجور من خلال عينة من الزيت بنسبة 6. 5 بالمئة من كمية الزيت الناتج من العصر في حال كان البيرين لصاحب المعصرة، وبنسبة 7.5 بالمئة من إجمالي كمية الزيت الناتج من العصر في حال أخذ المزارع البيرين.
وتقدر مديرية الزراعة في حمص الإنتاج من زيت الزيتون للموسم الزراعي الحالي بأكثر من 16 ألف طن ناتجة عن عصر ما يقارب 74 ألف طن من الزيتون وفق التقديرات الأولية، ويرجح مسؤولين في مديرية الزراعة أن إنتاج الزيت هذا العام جيد ووفير وتزيد نسبته على 100 بالمئة مقارنة بالعام الماضي الذي بلغ إنتاج الزيت خلاله حوالي 7 آلاف طن.
أما بالنسبة لاستهلاك الزيتون، تفيد إحصاءات المجلس الدولي للزيتون لموسم 2020-2021، بأن سوريا أكثر الدول العربية من حيث استهلاك الفرد لزيت الزيتون، وحسب إحصاءات المجلس، وهو عبارة عن منظمة حكومية دولية تضم 44 دولة، تستحوذ على 98 بالمئة، من الإنتاج العالمي من زيت الزيتون، فإن استهلاك الفرد من زيت الزيتون في سوريا، هو الأعلى عربيا والرابع عالميا بـ4.6 لترات سنويا.