لكل السوريين

نساء في السويداء يفتتحن مقاهي نسائية، والهدف دعم المرأة اقتصادياً

لم يكن وضع المرأة في محافظة السويداء التي تتميز بتنوع ديني، يشكل فيه الموحدون الدروز غالبية السكان، استثناءً عما هو عليه حال المرأة السورية عموماً، ذلك أن القوانين والقيود السائدة هي ذاتها من ناحية جرائم الشرف والطلاق والإرث وحضانة الأولاد.

ويمكن القول إنه في كثير من الأحيان ترضخ نساء الجبل لقوانين غير منصوصة، أشد وطأة من قوانين الأحوال الشخصية. فمن العادات الاجتماعية لدى أهل السويداء ألا تورث الأنثى، ويوصى لها في حال كانت عزباء أو مطلقة أن تمضي حياتها فيما يُعرف بغرفة “المقاطيع.”

نساء السويداء اللواتي خرجن عن المألوف بأفكارهن ونمط حياتهن لم يقتصر تمردهن على الآراء النظرية، بل ظهرت العديد من المشاريع التي باتت ترسم ملامح أكثر إيجابية عن كيفية تفعيل دور المرأة وزيادة الوعي بحقوقها، وعدم الرضوخ للفكر التقليدي الذي لا يؤمن بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.

كافيه “إيف” النسائي

في مدينة كالسويداء التي تُعرف بالاختلاط بين الرجل والمرأة في جميع المناسبات قد يستهجن البعض فكرة أن يكون للمرأة كافيه خاص يعزلها عن الرجل.

وقد يظن البعض الآخر المُتأثر بالصور النمطية عن النساء أنّ “إيف” تُشرف عليه وترتاده نساءٌ لهنّ موقفٌ معادٍ للرجل ويعانين من عقدٍ نفسيةٍ.

لكن الكافيه الذي ابتكرت فكرته هبة حاتم كان مختلفا وغير نمطي، تُشَبّه هبة حاتم كافيه “إيف” بـ”بيت الصديقات” كونه يجمع بين الفتيات اللواتي تُفرّقهن بعد المسافات بين منطقة وأخرى.

وتصرّ هبة على أن تترافق النشاطات التي تقام بين الحين والآخر بأهداف أخرى غير الترفيه وتمضية الوقت، ليس “إيف” مجرّد مكانٍ تتشارك فيه النساء همومهن، ويتبادلن المساعدة لإيجاد حلول لمشكلاتهن وحسب، بل إنه يشكل دعماً لهنّ في العديد من المجالات العملية.

فقد عملت حاتم على أن يكون المقهى مقراً لعرض ما تنتجه الفتيات المهتمات بالأعمال اليدوية وصنع الإكسسوارات، ورسم اللوحات الفنية، مما يمكنهنّ من الترويج لأعمالهن وتحقيق ربحٍ ماديٍ معقولٍ في ظل الصعوبات التي تعانيها الفتاة السورية للحصول على عمل مناسب.

كما أن تشجيعها للأعمال النسائية، لا يقتصر على الترويج لها داخل الكافيه، بل حرصت على أن تشكل صلة وصل مع النساء اللواتي آثرن الخروج من عباءة المجتمع وتحقيق بصمة مميزة من حيث الاستقلالية والخروج عن النمطية.

مقهى “الغصن العتيق”

بعد سنوات من العمل والدورات المكثفة، والمعارض؛ قرر عدد من النساء فتح معرض دائم لمنتجاتهن المتنوعة؛ مع إضفاء طابع الزيارة والمتعة للزبائن المفترضين، فأضافوا إليه عدداً من الطاولات مع ديكور فني بسيط عماده التراث، وكان المقهى الذي جذب الكثيرين لشرب فنجان من القهوة، واقتناء بعض المنتجات المتنوعة.

«كان لا بد من صنع شيء مختلف حتى يرانا الناس بعين أخرى غير صفة البائعات لمنتجاتهن اليدوية والفنية».. هكذا بدأت منال صعب إحدى مؤسسات مقهى ومعرض «الغصن العتيق» كانت منتجاته من الأعمال اليدوية والإكسسوار واللوحات الفنية، وأشغال الصوف والنول، والأكلات التراثية، مطعّم بكل فكرة مبتكرة وغير مألوفة لمن يود المشاركة من النساء، حيث تحول قبو مظلم إلى متحف شعبي وتراثي ومقهى للراغبين بالقراءة وشرب القهوة، وفيه من اللمسات النسائية الجميلة الشيء الكثير.

تقول السيدة كارميلاندا رسلان إحدى المؤسسات والفنانة الفطرية الأكثر حركة ومشاركات: «كنا مجموعات متفرقة، مثل (نساء يعدن الحياة، ونسج الياسمين، وكاندل آرت، والمبدعون، وبنك القماش ..) تعمل كل مجموعة ضمن وسط خاص بها رغم التقائنا بأفكار كثيرة مثل تدوير الأقمشة، والأعمال اليدوية التراثية، وصناعة الإكسسوارات بطرق شتى، واللوحات الفنية غير التقليدية»

ورود الصباغ إحدى المؤسسات عما وجدته في هذه التجربة، إن المرابح التي تأتي ليست كبيرة، ولكننا بتنا سيدات أنفسنا، ونجذب الكثير من النساء الكبيرات في السن اللواتي لديهن عبق الماضي الجميل، والشابات اللواتي تعلمن في الجامعات والمعاهد، ولديهن أفكاراً مثمرة دون أن يستطعن إيجاد من يستمع لأفكارهن.

تقرير/ رشا جميل