لكل السوريين

سياسي سوري.. سياسة الإدارة الأميركية في سوريا مضطربة تتغير في أي لحظة

حاوره/ مجد محمد

أكد إبراهيم العسر أن المستقبل السوري بشكل عام وشمال شرق سوريا بشكل خاص غير مرهونة على تغيير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي حال كان هناك توافق جديد بين الإدارة الامريكية والإدارة الذاتية، بما يتناسب مع استقرار المنطقة، فهو بمثابة حل من حلول الأزمة السورية.

منذ سقوط نظام الأسد البائد وتشكيل إدارة جديدة في سوريا تبدو البلاد على مفترق طرق بين الاستقرار المجهول والفوضى المحتملة، تزامنت هذه التغييرات مع تصاعد الدور التركي في محاولة لفرض هيمنة إقليمية على مناطق واسعة داخل سوريا، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري، وفي ظل هذه التطورات يطرح سؤال جوهري وهو كيف ستتعامل إدارة دونالد ترامب مع هذه المتغيرات.

وجدت سوريا نفسها أمام إدارة جديدة تحاول مواجهة تحديات معقدة تشمل إعادة الإعمار وتوحيد الصفوف الداخلية وإدارة الصراعات الإقليمية التي ترسم حدود المستقبل السوري، الإدارة الجديدة تواجه صعوبة في إثبات شرعيتها داخلياً وخارجياً، حيث تسعى لتجنب الانقسامات الطائفية وتعزيز سلطة الدولة، لكنها تصطدم بتدخلات قوى خارجية وعلى رأسها تركيا، تركيا التي استغلت ضعف الدولة السورية على مدى سنوات ماضية وكثفت مساعيها للهيمنة على الشمال السوري بعد سقوط النظام، هذه المساعي تتجلى من خلال زيادة العمليات العسكرية التركية في الشمال بحجة تأمين الحدود ولكنها في الواقع تسعى لتعزيز نفوذها في مناطق استراتيجية، بالإضافة إلى دعم عمليات توطين اللاجئين السوريين في مناطق الشمال، وهذا ما يثير مخاوف من تغيير الهوية السكانية لهذه المناطق إلى جانب استخدام الفصائل المسلحة الموالية لها كأداة لتحقيق اجندتها الإقليمية.

هذه السياسات تضع الإدارة الجديدة في سوريا بمواجهة مباشرة مع الدور التركي، مما يزيد في تعقيد محاولاتها لأعاده بناء الدولة، فقد تكون سياسة ترامب في سوريا أكثر حدة وتوجهاً نحو المصالح الأمريكية مع التركيز على ثلاثة محاور رئيسية، تتمثل في مواجهة النفوذ التركي وتعزيز الاستقرار الداخلي والتصدي لتأثير الاسلام السياسي، رغم ان عودة ترامب للبيت الأبيض تحمل معها آمال بتبني نهج جديد أكثر حسماً في سوريا إلا أن التحديات تضل كبيرة، فالتدخلات الخارجية والصراعات الداخلية وتنافس القوى الإقليمية والدولية تجعل من الصعب رسم مستقبل واضح للبلاد

وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا “السوري” حواراً مطولاً مع الأستاذ إبراهيم العسر عضو الحزب التقدمي الديمقراطي، ودار الحوار التالي:

*أمام الرئيس الأمريكي ملفات كثيرة ومعقدة ومنها الملف السوري، كيف ترى سياسة ترامب الجديدة في المنطقة؟

يجب أن نعلم إنه قبل رحيل ترامب عن البيت الأبيض في الفترة الأولى عام ٢٠٢٠ كان قد أعطى الضوء الأخضر لتركيا أن تجتاح سوريا برياً، لكن في هذا الوقت أعتقد أن تركيا كدولة رأت أن الوضع قد يكون صعب عسكرياً في هذه الاثناء، الآن نحن مع تغير كبير في سوريا وهو تغير نظام جديد مدعوم قلباً وقالباً من الدولة التركية، والدولة التركية مدعومة من نفس النظام الذي دعمها مسبقاً وهو نظام دونالد ترامب، ترامب عندما سئل عما يحدث في سوريا وهل تنصف أمريكا نظام الأسد، أجاب إنه لا يكترث كثيراً لهذا النظام وتركه يسقط، الآن أعتقد إن هذه مرحلة لكشف النوايا، فإذا استطاع النظام الجديد الحفاظ على أمن إسرائيل وهي صديقة أمريكا فستكون الأمور على ما يرام، أما إذا تلاعب هذا النظام أو كانت له نوايا سيئة تجاه إسرائيل هنا قد يكون الموضوع مختلف، لكن حتى هذه الأثناء هذا النظام لديه فرصة والإدارة الأمريكية تغض عنه البصر إلى أن نرى تصرفاته، فقد تكون بداية سيئة لسوريا أو انفراجات ودعم أمريكي .

*ما هي العوامل التي سينطلق منها الرئيس الأمريكي أمام هذه المتغيرات الكثيرة؟

دونالد ترامب أعلن صراحة إن أمريكا ومصالحها أولاً، الأولوية بالنسبة لترامب هي الاستثمار في موضوع البترول في سوريا وموضوع إعادة الإعمار والشركات الأمريكية التي سوف تتولى إعادة الإعمار في سوريا، وهناك أيضاً يجب أن لا ننسى أن تركيا هي الراعي للجماعات التي وصلت إلى الحكم في سوريا الآن،  وهي بذات الوقت عضو في حلف الناتو وهي شريكة استراتيجية أيضاً للولايات المتحدة الأمريكية رغم التباينات الحاصلة الآن بينهما، إلا أنه اعتقد أن دونالد ترامب سوف يذهب إلى وقف الحروب في العالم ووقف العصا العسكرية واستعمال العصا الاقتصادية والعقوبات، والذهاب إلى الحد الأقصى من العقوبات لمن يناوء السياسة الامريكية، وبموضوع سوريا أعتقد إنه عندما يتأمن ثابتتين للإدارة الأمريكية وهي الاقتصاد وأمن لإسرائيل، فهي سوف تنهي الحرب في سوريا.

* في ضل هذا الوضع، ما طبيعة بين تركيا وامريكا؟

تركيا بشكل أو بآخر هي الدولة الوحيدة التي كانت بشكل أو بآخر التي تستطيع السيطرة على النظام السوري، وبالتالي هي حصلت على التأييد الأمريكي ليس حباً في تركيا ولكن لأن تركيا فرضت نفسها كلاعب رئيسي على الساحة، المطلوب في هذه المرحلة من جميع القوى الموجودة في الشرق الأوسط هي التهدئة لأن دونالد ترامب يمتلك مشروع اقتصادي كبير، وبالتالي أي قلق موجود في الشرق الأوسط هو ضده، ونحن نعلم أن ما حدث باليمن أثر على ممر ملاحي رئيسي وهو قناة السويس وأصبحت السفن تمر عبر معبر الرجاء الصالح وهذا ضغط على الأسعار وارتفعت تكاليف الشحن ما يفوق العشرة أضعاف، وبالتالي السماح لأي قوة بهذه المنطقة لأن تخلق وضعاً دولياً أو إقليمياً يعيق حركة التجارة العالمية سيكون مرفوض تماماً من الولايات المتحدة الأمريكية، وبالعودة إلى تركيا كما ذكرت انه كما فرضت نفسها دولة مؤثرة تستطيع تغيير أنظمة بحجم نظام الأسد وتستطيع دعم أنظمة جديدة وتستطيع أن تقول انا هنا موجودة على الساحة الإقليمية، وهي بشكل أو بآخر ظهرت كلاعب فردي وبالتالي هي حصلت على دعم وتأييد أمريكي علماً بأن خيوط اللعبة بهذه الأثناء بيد تركيا وبالتالي الولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن كانت هناك اختلافات هنا أو هناك مع النظام التركي وخاصة بحقوق الاكراد وهكذا، ولكن هناك دعم أمريكي لتركيا كدولة تستطيع السيطرة على بعض المناطق في الشرق الأوسط.

*شريك التحالف في محاربة الإرهاب على الأرض هي قوات سوريا الديمقراطية، هذه الشراكة ما هي وضعها في ضل دونالد ترامب؟

قوات سوريا الديمقراطية أثبتت جدارتها في المنطقة، وشهد لها العالم أجمع بقوتها وقدرتها على محاربة الإرهاب، وحتى التحالف الدولي يعلم هذا الشيء، فأنا لا اعتقد إنه سيتم التخلي عن هذه الشراكة، حالياً حكومة الجولاني دعت الجميع إلى الانضمام إلى وزارة الدفاع، وقوات سوريا الديمقراطية وحكومة الجولاني يوجد بينهم مفاوضات قائمة على طبيعة الانضمام ككتلة أو كأفراد والتفاهمات جارية بين الطرفين ولم تنته حتى الآن، وبالتالي المشهد العام قد تغير والتوجه العالمي هو نحو التهدئة فالجميع تعب من الحروب التي استمرت فترة طويلة.

*ختاماً هناك هيمنة تركية على سوريا، كيف ستؤثر عودة ترامب على فكرة التحرك والهيمنة التركية على الملف السوري؟

موضوع الإدارة الذاتية ومناطق شمال شرق سوريا يشكل هاجساً لتركيا، وهي تحارب هذا المشروع وترى أنه ليس من مصلحتها تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، دونالد ترامب شخصية متهورة ولا أحد يستطيع أن ينبئ بسياسته، فهو يسعى على نظام المصلحة فدوماً يجب سؤال إنه ما هي مصلحة أمريكا في سوريا، فهل مصلحته أن يعادي تركيا أو يرغمها على الرضوخ لسياسة أمريكا عبر التلاعب الاقتصادي بالليرة التركية.