لكل السوريين

حمص.. مطلقات يخرجن من فخ العزلة والانعزال

قبل عدة عقود كانت المرأة السورية المطلقة تعاني العزلة واليأس بسبب نظرة المجتمع السلبية لها. أما اليوم فقد تغيرت هذه النظرة بشكل إيجابي خاصة في حمص وسط سوريا، ويساعد ذلك على ممارسة المطلقة لحياتها بشكل طبيعي سواء بشكل فردي أو في إطار عائلة جديدة.

على وقع ألفاظ مهينة مثل “بنت شوارع، قليلة التربية، لو فيها خير ما طلقت” انفصلت نساء عن أزواجهن الذي شكل نقطة تحول كبيرة في حياتهن.

لكن بعد ذلك حل التشاؤم والخوف من مواجهة تعليقات الناس. تقول إحدى المطلقات التي لم يتقدم أحد للزواج منها بعد زواجها الأول. وُتحمّل المجتمع متمثلاً في محيطها الاجتماعي المحلي جزءً من مسؤولية ما ألمّ بها بعد طلاقها لأن هذا المحيط “أثّر بشكل كبير على مستقبلي وكبلني وأظهرني وكأنني عالة عليه”. أما الشيء الذي ساعدها على مواجهة “مصيبتها” كما تصف حالة طلاقها، فهو إتقان مهنة الحياكة التي شكلت مصدر عيشها ورزقها منذ طلاقها.

حالتها تشبه حالة غالبية المطلقات من بنات جيلها اللواتي وقعن في فخ العزلة والانعزال وأصبحن حديث “الطالح والصالح” كما تقول فاطمة وهي من أهالي حمص، وسواء كانت المرأة مذنبة أم لا، ففي كلتا الحالتين كان يتم تحمليها المسؤولية الكاملة عن طلاقها. “رغم أن زوجي السابق خانني أكثر من مرة مع نساء أخريات فإن المجتمع لم ينبذه،”، تقول. وتضيف “حظيت خيانته بقبول المجتمع، بينما ساق أقربائي والناس من حولي تهما قاسية بحقي مثل مخالفة الشرع ومعصية الزوج، لأنني رفضت استمرار العيش معه”. وتهاجم المرأة بغضب، واضح من حدة صوتها، العادات البالية التي تنظر للطلاق على إنه نقمة وعار على أهل الفتاة.

غير إن النظرة للمطلقة وأوضاعها الاجتماعية اختلفت وما تزال بين المدن والأرياف. ففي المدن يبقى للمرأة المطلقة نوعا ما من حرية الحركة والعمل بشكل أفضل لأن العلاقات العائلية والمحيط الاجتماعي أكثر انفتاحا. كما أن الناس في المدن يتقبلون عموما فكرة الطلاق بشكل أكثر من سكان الأرياف الذين تحكمهم العلاقات العائلية والقبلية القائمة على القرابة الدموية في الغالب.

وعلى الرغم من أن المجتمع السوري ما يزال من المجتمعات الشرقية الذكورية التي تعطي للذكر مكانة أرفع من مكانة الأنثى، فإن هناك تطورات شهدها خلال العقدين الماضيين باتجاه تغيير النظرة تجاه المرأة المطلقة. فعلى سبيل المثال لم يعد يُنظر للمطلقة فيه على أنها عالة وتستحق الرحمة وأن البيت هو مكانها الوحيد.

ويواكب التغيرات في النظرة الاجتماعية تجاه المرأة المطلقة دعم بعض القوانين ومن بينها التي تعطي للمرأة حق طلب الطلاق من زوجها في حالات معينة.