لكل السوريين

تطور الدساتير السورية.. “سلسلة حزب البعث”

إعداد/ لطفي توفيق 

 

احتضنت الحضارة السورية الضاربة في القدم أولى الشرائع المكتوبة في تاريخ البشرية، حيث اكتشف علماء الآثار الكثير من القوانين المكتوبة في منطقة سوريا التاريخية، تعود إلى مراحل وحضارات تاريخية مختلفة، ويعود أقدمها إلى تاريخ 2360 قبل الميلاد، في مملكة ماري التي تأسست في الألف الثالث قبل الميلاد على ضفاف نهر الفرات في الجزيرة السورية.

ومع التطور الاجتماعي، عبر التاريخ المعاصر بقيت مركز التشريع والتقنين في محيطها الجغرافي رغم التقلبات السياسية والاجتماعية والانقلابات العسكرية التي عصفت بها.

ولعبت الأحزاب والقوى السياسية المستقلة دوراً بارزاً في تطور الدساتير السورية، وخاصة الكتلة الوطنية التي انقسمت فيما بعد إلى حزبين، حزب الشعب والحزب الوطني الذي استمر بالعمل إلى أن تم حل الأحزاب خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر، وعاد الحزب إلى العمل بعد الانفصال، وفاز بالأغلبية في انتخابات العام 1961.

حزب البعث العربي

بقيت مجموعة حزب البعث التابع لزكي الأرسوزي، وحركة الإحياء العربي التابعة لميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار، حتى منتصف الأربعينيات عبارة عن مجموعات صغيرة من الطلبة، تحكمها العلاقة التعلمية بين الأستاذ والطالب فيما يتعلق بمفاهيم الولاء والطاعة.

وفي عام 1943 جرت محاولة توحيد بين المجموعتين ولكنها سرعان ما فشلت، فقام عفلق بتغيير اسم حركة الإحياء إلى حزب البعث، دون أن يغير شيئاً من حيث المضمون، وأصبح في دمشق حزبان قوميان باسم واحد، وبتنظيمين مختلفين، وبقيادتين متناقضتين.

وفي عام 1946 توقف نشاط جماعة الأرسوزي، وتحولت مجموعة عفلق والبيطار إلى حزب البعث العربي، وأخذت شكلها كحركة سياسية بعد رحيل الفرنسيين.

وفي العام نفسه صدرت جريدة الحزب “البعث” للمرة لأولى.

وفي العام التالي، عقد أول مؤتمر حزبي تم فيه تبني منهاج الحزب، وتشكلت أول لجنة تنفيذية بعضوية ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار وجلال السيد، ووهيب الغانم.

وأصبح الحزب يعنون بياناته الرسمية بـ “أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة” ويوقعها باسم حزب البعث العربي.

وتقدم الحزب عام 1945 بطلب رسمي لترخيص تأسيسه، ولم تتم الموافقة على طلبه إلّا بعد زوال الحكم العسكري لأديب الشيشكلي عام 1954، لكن الحزب لم يوقف نشاطه خلال هذه الفترة، حيث دخلت معظم القوى السياسية بعد الاستقلال في فترة منافسة حادة في الجبهة السياسة الداخلية، ولكن الحزب كان ضعيف التنظيم وقليل العدد، وبرز هذا الضعف بفشل ميشيل عفلق في الحصول على مقعد في البرلمان خلال الانتخابات النيابية التي جرت عام 1943، وزاد من ضعفه زجّ صلاح الدين البيطار في سجن تدمر عام 1944.

وفي عهد حسني الزعيم اختلف مع ميشيل عفلق وسجنه، وانتهى الخلاف بإرسال الحزب رسالة اعتذار إلى حسني الزعيم تركت أثراً سلبياً طويل المدى على قواعد الحزب.

وبدأت العلاقة بين القواعد والقيادة بالتخلخل بسبب مواقفها المتناقضة من الانقلابات العسكرية، كما بدأت بالظهور بوادر الحلول التوفيقية والصراعات على السلطة.