لكل السوريين

البطالة واقع مرير وطريق للانحراف

عبد الرحمن العيسى

تعد البطالة مرض عضال يصيب الشعوب في أهم مراحل أجيالها، وهم فئة الشباب، فيصعب استئصاله إذا استفحل شره وقوي أمره، وللبطالة دورة انتشار في جسم المجتمع كالسرطان المتوغل بقوة، وفي مراحل تلك الدورة يبدأ ضعيفاً حتى يسيطر على مكامن الشباب، وهم كنز وإرث وحاضر كل مجتمع، فقوة الشباب وضعفهم الثقافي والحضاري تحدد مدى قوة المجتمع.

غالباً ضحايا البطالة الشباب غير العصامي والذي لا يعتمد على نفسه، بحيث يحصل على نفقاته المادية من أقاربه، وفي حال انقطعت عنه تلك الإعانة، دفعته الحاجة المادية، وضعف الوازع الديني إلي الجريمة، وخاصة مدمني المخدرات والمسكرات، فتدفعه نفسه الشيطانية إلى السرقة، وربما السرقة المنظمة مع عدة أفراد، ليصرف المال الحرام على متطلباته، والنوع الآخر المتعلمون وخريجو الجامعات، وتسمى بطالة مثقفة، وهي موجودة في أغلب بلدان العالم، وخاصة بالدول النامية، حيث يرغب معظم شباب هذه الدول في الحصول على عمل يناسب شهادتهم وكفاءاتهم العلمية، فيظلون في حالة بحث مستمر عن فرص لشغل وظائفهم المكدسة، فتمر الأيام تلو الأيام وتكثر الوعود ويطول الانتظار ويعم اليأس، فلا فرصة تعرض ولا عمل يذكر، فتدفعهم الظروف إلى الهجرة.

ومن أسباب البطالة غياب الفرص الوظيفية للشباب بسبب عدم قدرة الدولة على توفير وظائف جديدة في الدوائر الحكومية والشركات والمؤسسات الخاصة، ولن ننسى بطالة الشباب الاتكالي على الوالدين، حيث غرقوا في الملذات والاعتماد على أهلهم في الإنفاق، فعندما تتوفر الصحة والمال والفراغ يكون الانحراف والجريمة طريقهم، حيث يتيه بعض هؤلاء الشباب “المدللون” إلى العبث بالأموال التي لدى غيرهم، وبمجرد أن يفقد سندهم أمواله، ستجدهم عبئاً على المجتمع بدون شهادة أو صنعة.

نحن بحاجة أن نستفيد من تجارب الدول الناجحة، في تنشئة جيل ذي مسؤولية، يدرك أنه تقع على عاتقه بناء الوطن من خلال “التصنيع والإنتاج” وقبول التحدي للرقي بالمجتمع إلى الاكتفاء الذاتي في حدود الموارد المتاحة، وإن مكافحة الجريمة لا تتم إلا بمعالجة قضية البطالة، بتعاون وتكثيف الجهود بين البيت والمجتمع والحكومة، وذلك من خلال توفير فرص العمل وشغل الفراغ.