لكل السوريين

منظر تقليب النفايات من قبل الأطفال بات مشهدا طبيعيا في شمال غرب سوريا

السوري/ إدلب ـ أصبح مشهد تقليب النفايات من قبل الأطفال في إدلب وأريافها شمال غرب سوريا، منظرا اعتياديا، حتى بات أغلب أحياء المدينة التي تخضع لسيطرة جبهة النصرة، الموالية لدولة الاحتلال التركي تغص حاوياتها بأطفال هجروا من مناطق سورية متفرقة، ليجدوا أنفسهم أمام واقع يكتظ بآفات خطيرة، أخطرها الاحتلال نفسه، الذي لم يعد يأبه بما يدور في سوريا.

حسان عمران، من ريف حماة، يقول “أنطلق منذ الصباح، إلى الحاويات، لأجمع 6 كيلو غرام من النايلون لأستفيد منه في تأمين الطعام والخبز لأمي المريضة التي لم تعد قادرة على النهوض من فراشها”.

ولا يعد حسان وحده هو المسؤول عن تأمين الطعام للعائلة، فحتى أخته مرام بدأت بمساندته هي الأخرى، حيث أن الظروف هي من دفعتها للقيام بهذا العمل، بحسب ما روته لمراسلنا.

ونزحت آلاف العائلات من جراء الهجوم الذي شنته قوات الحكومة المسنودة بالطائرات الروسية على مناطق هيئة تحرير الشام الموالية لدولة الاحتلال التركي على أرياف إدلب الجنوبية والجنوبية الشرقية، ونتج عنها تسرب عدد كبير من أطفال إدلب عن مدارسهم، وبات همهم الوحيد وشغلهم الشاغل هو إعالة عوائلهم.

ويوضح عمران “عملي يقتصر على جمع النايلون، والنحاس، وبعض القطع الحديدية، أقوم بجمعها ومن ثم أبيعها بأسعار زهيدة حتى أستطيع تأمين الخبز وما يتيسر من الطعام”.

عمران، الذي وجد نفسه عائلا لعائلة ربما لا يدري ما قد يسبب له عمله هذا من مرض، فيقول “كان معي طفل اسمه خالد، وكنا نجمع سوية القطع الصالحة للبيع، ولكنه أصيب منذ يومين بمرض قالت والدته إنه جرب، والآن أنا أفتقده، فقد كنا لا نترك حاوية ولا نذهب لها سوية”.

وتوفي والد حسان إثر انفجار لغم به وهو في طريقه للذهاب إلى الداخل التركي، تاركا بذلك أماً ما برحت أن أصيبت هي الأخرى بمرض جعلها تصبح عاجزة عن إعالة العائلة الصغيرة.

وحاول مراسلنا الالتقاء بأم حسان، إلا أن حسان لم يستطع أن يخبر عن مكان إقامتها، مكتفيا بالقول “تقيم في مخيم قريب من هنا، ولكنني لا أستطيع أن أدلك عليه، أخاف أن تعلم جبهة النصرة بذلك، وتقوم بسجني أو طرد أمي من المخيم”.

ومع وصول حافلة نفايات جديدة للمكب محملة بالقمامة يسارع الأطفال إلى موقع التفريغ للبحث بين الأكياس الملقاة ليختفوا وسط سحابة الغبار المنبعثة جراء إفراغ الحمولة.

ويعرّض هذا العمل هؤلاء الصغار لمخاطر وحوادث مؤلمة كتلك الحادثة التي لقي خلالها ثلاثة أطفال حتفهم في السادس من كانون الثاني/يناير من العام الحالي، نتيجة إفراغ شاحنة قمامة حمولتها عليهم، خلال عملهم بالبحث عن مواد قابلة للتدوير في بلدة معرة مصرين قرب مدينة إدلب.

ولا يقتصر جمع النفايات على سكان مخيمات شمال سوريا، وإنما شمل المشهد مختلف مدن وبلدات ريف إدلب، ففي مدينة إدلب يتيح لك التجول باكراً رؤية مشاهد يصعب على الكثيرين رؤيتها، كرؤية طفل داخل حاوية يبحث عما يضيفه إلى كيسه، أو رؤية شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة يفتح الأكياس الملقاة إلى جانب الحاوية الكبيرة كونه لا يستطيع الوصول إلى داخلها، أوتشاهد ثالثاً على دراجة يضع عليها أكياس كبيرة معبأة بما جمعه من نفايات.

وباتت نبش القمامة مهنة يمارسها الكثيرون في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وسط تجاهل وعجز السلطات المحلية عن احتوائها ليستمر السوريون بمواجهة المأساة التي حلت بهم جراء الحرب.

وأشارت منظمة اليونسيف إلى أن أكثر من 500 طفل سوري قتل وأصيب على مدار تسعة أشهر، وحتى هذه اللحظة، معتبرة أن الأطفال باتوا الضحية الأكبر من جراء الحرب التي تشهدها البلاد منذ بداية العقد الحالي الذي شارف على الانتهاء.

تقرير/ عباس إدلبي