لكل السوريين

في الساحل السوري.. انقراض وهجرة للأسماك بسبب النفايات والمخلفات

تقرير/ سلاف العلي

تشمل النفايات البحرية جميع المخلفات التي توجد في البيئة البحرية بشكل غير طبيعي، ومن النفايات البحرية الأكثر شيوعاً البلاستيك، والزجاج، والمطاط، والحديد، والأوراق، والخشب والأقمشة، وتشكل هذا المخلفات خطر كبير على حياة الأسماك والطبيعة في المناطق المجاورة للبحر.

ويعود المصدر الرئيسي للتلوث البحر هي الاستخدامات الخاطئة للشاطئ، حيث يستخدم كمنفذ لمجاري الصرف الصحي والنفيات الصلبة، ومخلفات المصانع المجاورة، إضافة إلى تفريغ بقايا السفن والقوارب، وبالتالي تتشابك النفايات مع الكائنات البحرية، مما أدى إلى اختناقها ونفوقها بكميات غير مسبوقة.

وللبحر دوراً بالغ الأهمية في المحافظة على التوازن البيئي، لضمان حياة واستمرار وجود مجموعة من الكائنات، من بينها الإنسان الذي جعل من البحر منذ آلاف السنين أحد أهم مصادر غذائه، أما اليوم فقد أصبحت الحياة في البحر مهددة بفعل تزايد نسبة النفايات التي تأتي في الغالب من المصادر البرية مثل مخلفات المصانع ومياه الصرف الصحي ومختلف أنواع القمامة التي تصل عبر الشواطئ.

وتشكل الأسماك أحد أهم المكونات الغذائية المعتمدة في كثير من المطابخ أهل الساحل، نظرا لفوائده الصحية، والكثير من أنواع الأسماك لم تعد قابلة للاستهلاك بسبب التلوث الذي لحق بيئتها، وأصبحت مهددة بسبب ممارسات الصيد المدمرة التي لا تراعي فترات الراحة البيولوجية المحددة، وانتشار عمليات الصيد غير الشرعية.

وقد فشلت العديد من المبادرات الحكومية في إيقاف هذه الممارسات غير المسؤولة، التي تهدد استنزاف الثروة السمكية، وفي محاولة لإعادة الموارد السمكية إلى مستوياتها الطبيعية، قررت وزارة البيئة السورية إعلان بعض المناطق البحرية في اللاذقية وطرطوس محميات طبيعية، وتأمل بذلك إعادة توازن النظام البيئي لمياهها الإقليمية ودعم التنوع البيولوجي فيها، وتعتبر مثل هذه المبادرات التي تهدف إلى تصحيح الوضع البيئي، وتبقى غير كافية في ظل الخروقات البيئية.

ولوحظ مؤخرا ارتفاع درجات حرارة الماء بحدود 1 – 1.5 درجة مئوية على سواحلنا وهذا يعود إلى التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، وأن ارتفاع درجة حرارة البحر يدفع الكثير من الكائنات البحرية إلى الهجرة، وبالتالي يحدث تغييرا في الأنواع السمكية، وانتشار أسماك غريبة متكيفة مع درجة الحرارة المرتفعة، وانخفضت نسبة الأنواع المحلية وزيادة الأنواع الغريبة المهاجرة، الأمر الذي أكده الصيادون من انخفاض كبير في كمية الصيديات وزيادة نسبة الأنواع الغريبة المهاجرة، وباعتبار أن البحر المتوسط بحراً شبه مغلق، فإنه يعتبر من المناطق الحساسة التي تتأثر أكثر من غيرها بتغير المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري، حيث سجلت زيادات خطرة في درجات الحرارة في الكثير من المناطق مع ما يرافق ذلك من زيادة مستوى الحموضة في البحار وانخفاض في قيمة الأوكسجين المنحل، وهذا الوضع يؤثر على الكائنات البحرية ويهدد بفقدان التنوع البيولوجي.

“البالون” و” الأسد” و” السمكة الصخرية” هي أسماك غزت سواحلنا وتشكل خطرا على ثرواته السمكية والإنسان أيضا، وتسمى كذلك لأنها تنتفخ كالبالون إذا أرادت تخويف الكائنات البحرية الأخرى من حولها، وتسمى أيضا” السمكة الأرنب” بسبب إقدامها على قضم الشباك التي تقع فيها بأسنانها التي تشبه أسنان الأرنب، وتحمل مادة سامة قادرة على التسبب في تعطيل الجهاز التنفسي والجهاز العصبي لدى الإنسان بسرعة، بل غالبا ما يؤدي استهلاكها إلى وفاة مَن يأكلها، وحدث ذلك عدة مرات في سواحلنا، وعلاوة على خطرها على الصحة البشرية، فإنها تتغذى بشكل عام على الأسماك الصغيرة وعلى يرقاتها وبالتالي فإنها تنافس الصيادين في رزقهم ومن شأنها الإخلال بالتوازن البيئي البحري، وهي تنتمي أصلا إلى بحر الصين والمحيط الهندي حيث تتميز المياه بدفئها، وهي كثيرة التناسل باعتبار أن الواحدة منها قادرة على وضع 30 ألف بيضة كل أربعة أيام طيلة العام.

وهذا يتطلب حماية شواطئنا والإبقاء عليها نظيفة وعدم القاء الفضلات الا في صناديق، وعدم تلويث الشاطئ أو البحر، وعدم ركوب السيارات على الشاطئ لأنه من الممكن الدوس على بيض الطيور والسلاحف، وعدم الالتزام بالتعليمات الخاصة بالصيد، أو استعمال الطرق غير القانونية، وعدم ترك المكان نظيفا بعد الانتهاء من صيد الأسماك، لأنه قد يتحول البحر إلى مجرد مزبلة كبيرة، إذا لم تتوقف عمليات نهب ثرواتها السمكية والتخريب البيئي الذي تتعرض له في مناطق مختلفة.