لكل السوريين

بيع الثلج بطرطوس تجارة موسمية رابحة

طرطوس/ أ ـ ن

تتكاثر محلات بيع الثلج والبسطات في طرطوس، بالأسواق وعلى مفارق الطرق والأوتوستراد، وخاصة في الأحياء الشعبية والفقيرة معدومة الخدمات، حيث ألف ساكنو هذه الأحياء سماع هذه العبارة: عندنا تلج للبيع، متزامنة مع قدوم فصل الصيف بِحره الشديد.

فتكاليف شراء الثلج من الباعة باتت تستهلك جزءا إضافيا ليس بقليل من المدخول الشهري الهزيل سلفا، بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود والمفقرين بغالبيتهم الساحقة، لكن مع ازدياد ارتفاع درجات الحرارة، وبظل غياب الكهرباء شبه الدائم، فإن شراء قطعة ثلج أصبح شر لا بد منه، ليس لذاتها ولضرورتها، وخاصة من أجل أن يشرب الأطفال مياه باردة بدلا من المياه الساخنة، بل بسبب سعرها المرتفع.

هذه الأيام الحارة تزايد عدد باعة الثلج عما كان عليه في الصيف الماضي أو الذي قبله، إذ بتنا نلاحظ وجود قوالب ثلج كبيرة مرمية على قطع خيش فوق عربات جوالة غير صحية، موزعة ومنتشرة بكثرة، وخاصة في الأحياء الشعبية والفقيرة، إضافة للعديد من البسطات والأكشاك والباعة الجوالين بسياراتهم.

ولعل السبب الرئيسي لزيادة العاملين في مهنة بيع الثلج هذا الصيف هو شدة الحرارة وغياب الكهرباء عن البيوت، بالإضافة طبعا إلى أنها فرصة عمل موسمية للبعض، بدلا من التعطل عن العمل، والأهم أنها تجارة رابحة.

في ظل غياب الكهرباء شبه الدائم وارتفاع أسعار منظومات الطاقة البديلة، سواء ألواح الطاقة الشمسية أو الأمبيرات، ومع ارتفاع درجات الحرارة الشديد، بات المواطن المفقر مجبرا على اللجوء لباعة الثلج بغية شرب ماء بارد، أو حفظ المونة بطريقةٍ بدائية عبر وضع قطع الثلج عليها، مما أدى لازدهار هذه المهنة التي باتت تحقق أرباحا كبيرة، وبات لها تجارها وحيتانها، بدون اية رقابة.

حيث تراوح سعر قطعة الثلج متوسطة الحجم بين 5000 إلى 6000 ليرة عند البائعين المتجولين، قالب الثلج يقطع إلى 4 أو 6 قطع حسب حجمه، وتكلفته على البائع لا تتجاوز 2000-3000 ليرة كأقصى حد، أما سعر كيس الثلج من المحال فتراوح بين 3500 ليرة وصولاً إلى 6000 ليرة، حسب الوزن والمكان والتوقيت.

وبالمقارنة مع الصيف الماضي، فقد ارتفعت أسعار الثلج بما يعادل نسبة 100-150% وفي الأحياء المفقرة ومعدومة الخدمات، فإن الضرورات تفرض استهلاك قطعتي ثلج يوميا بالحد الأدنى خلال فصل الصيف لكل أسرة، بغض النظر عن تعداد أفرادها، فسرعة ذوبان الثلج لا علاقة لها بعدد المستهلكين بقدر ارتباطها بدرجات الحرارة، فإن التكلفة اليومية لقاء شراء قطعتي ثلج فقط هي 10 آلاف ليرة، أي ما يعادل 300 ألف ليرة خلال الشهر، وهو الحد الأدنى للأجور الشهرية، التي يضطر المفقر لتكبدها كي يشرب ماء باردا مع أفراد أسرته خلال حر الصيف، مع التقنين.

التكلفة بالنسبة لمعامل تصنيع ألواح الثلج الكبيرة ليست بسعر المياه بل بقيمة الكهرباء، لكن على الرغم من ارتفاع تكلفة الكهرباء إلا أن الأرباح المحققة من تصنيع قوالب الثلج وبيعها كبيرة بما لا يقاس بالمقارنة مع تكلفتها، فالبائع الجوال يبيع قالب الثلج، الذي يكلفه 3000 ليرة بالحد الأعلى، بمبلغ لا يقل عن 20 ألف ليرة، محققا ربحا صافيا من كل قالب ثلج مبلغ وقدره 17 ألف ليرة، وهو عمل موسمي غير مستمر بالنسبة لهؤلاء، فنشاطهم مرتبط بفصل الصيف فقط، وهم يتعبون ويكدون متجولين على أقدامهم لقاء جني هذه المرابح.

وان مصادر إعلامية لمديرية الصحة بطرطوس اكدت: أن جميع معامل الثلج المرخصة تتم مراقبتها وتؤخذ عينات منها بشكل دائم، أما المعامل غير المرخصة فمن الممكن أنها تستخدم مياه غير نظيفة، ولا تضيف لها الكلور لتنقيتها من الشوائب، ولا يفضل شراء العصائر التي تحوي ثلـج من القوالب الكبيرة في الشارع لأنها غالبا غير نظيفة، بينما قطع الثلـج الصغيرة المغلفة أفضل.

فالموضوع لم يعد يقتصر على انتشار لمهنة موسمية بشروط غير صحية، ولا على غياب الرقابة عن الأسعار، وارتفاع معدلات الاستغلال الكبيرة ارتباطا بزيادة الحاجة للثلج بسبب غياب الكهرباء، بل بات تساهلا بصحة المواطن وسلامته.