لكل السوريين

عصر التنوير

التنوير حركة فكرية مهمة في تاريخ أوروبا الحديث بدأت أوائل القرن السابع عشر الميلادي، واستمرت حتى القرن التاسع عشر.

قام بها فلاسفة وعلماء نادوا بقوة العقل وقدرته على فهم العالم وإدراك قوانين حركته، واعتمدوا على التجربة العلمية والنتائج المادية الملموسة بدلا من الاعتماد على الخرافة والخيال.

وعصر التنوير مصطلح يشير إلى نشوء حركة ثقافية اعتمدت على العقلانية ومبادئها كوسائل لتأسيس النظام الشرعي للأخلاق والمعرفة بدلاً من الاعتماد على الموروث الديني والاجتماعي، وشدَّد فيها الفلاسفة على العقل باعتباره أفضل وسيلة لمعرفة الحقيقة.

واعتبر رواد هذه الحركة مهمتهم قيادة العالم إلى التطور والتحديث، وتجاوز الأفكار اللاعقلانية والتقاليد القديمة السائدة ضمن الفترة الزمنية التي أطلقوا عليها اسم “العصور المظلمة”.

ودعوا إلى خروج الإنسان من عجزه عن استعمال عقله، لأن العيب لا يكمن في العقل نفسه، بل في الافتقار إلى القرار والشجاعة في استعماله.

أعلام عصر التنوير- جان جاك روسو

لمع اسم روسو مع كبار المفكرين الفرنسيين مثل فولتير وديدرو ودالمبير وغيرهم، واختلف  معهم بسبب آرائه التي اعتبروها متطرفة.

فعندما قال “إن المسرح مدرسة الرذيلة” انقطعت علاقته مع فولتير نهائياً، وعندما سئل ما الذي كان له الدور الأكبر في تقدم الإنسانية العلوم أم الفنون، قال كلاهما عمل على تخريب الإنسان، فاعتبر معظم المفكرين الفرنسيين ذلك تطرفاً غير مقبول.

تبنّى روسو فكرة “تقنيّة القابلة” لتوليد السلوك عند الطفل، وقال فيها من المهم للطفل أن نجعله يتصرف كما نريد، على أن يشعر أن هذا التصرف ناتج عن إرادته، كما تلد المرأة بقوتها لكن بإشراف القابلة، ونصح الأمهات بالعودة إلى الطبيعة واحتضان الأطفال لفترة طويلة، ليكتسبوا الحنان والثقة بالعالم والمستقبل.

وعندما تم العثور على الصبي “أفيرون”، الذي عاش في الغابة وخرج منها قوياً لا يعرف معنى المرض، قال روسو “انظروا إلى الطبيعة كيف تفعل بالإنسان، وانظروا إلى الحضارة ماذا تفعل بالإنسان، حينما تسلب منه كل مقاومة بدنية وكل فضيلة غريزية وكل نور فطري”.

أمضى روسو أواخر حياته بكآبة بسبب نفور الناس من أفكاره، والاضطهاد السياسي الذي تعرّض له بسبب تبشيره  بالتورة والتغيير، ومع أنه مات قبل اندلاع الثورة الفرنسية بأكثر من عشرة أعوام، اعتبر من أهم المبشرين بها.