لكل السوريين

في وسط سوريا.. لا غنى عن خبز التنور في رمضان

تقرير/ جمانة الخالد

يحمل الخبز قيمة ثقافية واجتماعية عميقة في المجتمعات، نستعيد برائحته الذكريات ومشهد الجدات يفترشن الأرض لطحن الحبوب بالرُحى وتحضير دقيق القمح وعجنه لإعداد الخبز، في عمل يحمل الكثير من التعب، الذي سرعان ما يتبدد مع رائحة الخبز التي تفوح من التنور ليجتمع أفراد العائلة حول سفرة رمضان بانسجام ومحبة لتناول الطعام.

وعلى الرغم من التطور السريع لمظاهر الحياة في تركيا فإن هناك كثيرا من المظاهر والعادات التي لم تتغير مع مرور الزمن، وهناك مجموعات من السكان تحافظ على طقوس معينة لا سيما في شهر رمضان المبارك.

للخبز لا سيما خبز التنور قيمة كبيرة في حياة السوريين قاطبة لا سيما القرويين منهم، فهو مصدر رئيس للغذاء، ولا تكاد تخلو سفرة منه في الماضي، ويتنوع من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى من حيث تحضيره.

يرتبط خبز التنور بالموروث لدى المجتمع السوري، ويختلف من منطقة لأخرى في طريقة صناعته وتحضير الخبز عليه، في الوقت الحالي بات غالبية الأهالي يشترون الخبز من تنانير في المدن تختص بصناعة الخبز الطازج.

أما في ريف حماة لا زالت النساء تحافظ على عادة إعداد الخبز على التنور، ويدفعهن إلى ذلك غلاء سعر الخبز في الأسواق وقلة جودته، وتفضيل هذا النوع من قبل عوائلهن، وصناعة خبز التنور تعتبر جزءاً من التراث الشعبي في المنطقة ولا يمكنها الاستغناء عنها.

في القرى وعلى الطرق الرئيسية تقودك رائحة الخبز المحمص إلى التنور فتشدك لشراء رغيف ساخن أو فطيرة متعددة الحشوات تسد جوعك وتضفي جواً مميزاً على رحلتك.

وتحتاج عمليات إشعال التنّور عبر استخدام الحطب ومخلفات الحيوانات، وإعداد العجين وطهي الخبز، إلى خبرات لا يستهان بها

التنور القديم تحول في الريف السوري من وسيلة لتوفير حاجة العائلة إلى مشروع متناهي الصغر يمنحها مصدر دخل إضافياً يدعم مواردها لتأمين مستلزماتها في ظل الظروف المعيشية الراهنة.

الكثير من النساء اتخذن من إعداد الخبز مهنة لهن يسعين من خلالها لتأمين متطلبات الحياة وتحسين أحوالهن المعيشية.

وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق أزمات معيشية متوالية، وتأتي أزمة الخبز أبرزها، حيث تعاني النساء القاطنات في تلك المناطق من عدة صعوبات، ولا سيما الأرامل والمطلقات، اللواتي يفتقدن الدعم الحكومي بكافة أشكاله، ولا سيما في السنوات الأخيرة، بعد اشتداد العقوبات على حكومة دمشق.

ومؤخرا، ونتيجة للظروف المحيطة بالمرأة في المحافظات الخاضعة لسيطرة دمشق، اتجهت العديد من النساء لابتكار مهن تساعدهن في مجابهة ظروف المعيشة، ومنها مهنة صناعة خبز التنور، التي كانت ولا تزال وجهة للكثير من النساء، لكون إعداد خبز التنور تعد المرأة المتميز الرئيسي بصناعته، رغم تطور الأفران وتطور وسائل إعداد الخبز.