لكل السوريين

“البالة” تحلّق لحدود “كاوية” في العاصمة دمشق

دمشق/ مرجانة إسماعيل

على اتساع السوق الهائل في العاصمة السورية إلا أنه صار من شبه المستحيل الشراء منه بعد أن أصبحت أسعارها مرتفعة للغاية لتصل أسعار بعض قطع الملابس فيه لما يعادل دخل الموظف الشهري ففاقت تلك القيم السعرية قدرة معظم الشرائح السورية المادية على الشراء حتى تلك التي لم تدخل حدود ما دون خط الفقر حتى الآن.

وفي سوريا من لم يدخل حتى اليوم شريحة ما دون خط الفقر فهو يتهيب لدخولها، إذ أكدت الأمم المتحدة مراراً أن 90 في المئة من السوريين باتوا تحت خط الفقر، ومن اليسير إذا ما استثنينا طبقة أمراء الحرب الصغيرة، أن من تبقى من تلك الـ10 في المئة فإنهم بالكاد يتدبرون أمور يومهم.

ارتفعت أسعار ملابس “البالة” في أسواق دمشق عقب فرض الرسوم الجمركية، ما زاد من أعباء المعيشة على ذوي الدخل المحدود الذين اعتادوا الاعتماد على هذا النوع من الملابس كخيار ومتنفس أقل كلفة، وفق ما ذكره موقع “صوت العاصمة”.

وقال أحد أصحاب البسطات أن استيراد البالة كان أسهل في السابق، حيث لم تُفرض رسوم جمركية على البضائع التي تدخل من مناطق الشمال السوري، ما أتاح تحقيق أرباح معقولة رغم انخفاض الأسعار.

وأضاف أن فرض رسوم جمركية جديدة على الحاويات القادمة من ساحل اللاذقية عبر منطقة سرمدا، والتي تبلغ 4500 دولار للحاوية الواحدة، أدى إلى تقليص الكميات المستوردة ورفع الأسعار.

وأشار تاجر آخر إلى أن سعر “الرصّة” الواحدة – وهي حزمة ملابس تزن نحو 40 كيلوغراماً – كان يبلغ سابقاً 400 دولار، لكنه انخفض حالياً إلى ما بين 125 و200 دولار، بسبب الرسوم الجمركية الجديدة. وتصل كلفة نقل الرصّة من إدلب إلى دمشق إلى نحو 60 أو 70 دولاراً.

كما أوضح أحد الباعة أن رسوم الاستيراد الحالية تُقدّر بـ 1200 دولار للطن الواحد، مضيفاً أنهم تلقوا إنذارات بزيادة هذه الرسوم إلى ما بين 4000 و4500 دولار للطن، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار القطع المباعة بشكل مباشر.

صار الكساء مشكلة للسوري تضاف لحزمة مشكلات أخرى ليس أبرزها الغذاء والصحة والطبابة والتعليم، مشكلة جعلت فئة شابة تشعر بالإحراج في الجامعات والجلسات لانعدام قدرتها على تبديل ملابسها بشكل متنوع كما هو أبسط حق كان متاحاً حتى وقت قريب.

والأعقد من ذلك هو حيرة الوالدين التي تتكرر مطلع كل شتاء على مداخل الأسواق وهم يفكرون بكساء أطفالهم وتأمين ملابس لهم تقيهم برد الشتاء في تكوينة بيولوجية يكبرون فيها كل عام ويحتاجون ملابس جديدة، وعن مشهد ختامي مركب ومألوف أبطاله صاحب محل يدعو لدخول الزبون، والزبون في الخارج يدعو للفرج.

من جهته، قال أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، إن أسعار “البالة” تتأثر بشكل مباشر بتقلبات سعر الصرف، إضافة إلى أن معظم البضائع الواردة إلى الشمال السوري تُعتبر مهربة وغير خاضعة للتسعيرة الرسمية، ولا تُرفق معها بيانات أسعار، ما يسهم في اضطراب السوق.

وأضاف حبزة أن الرسوم الجمركية المفروضة حالياً في سرمدا تُعد مقبولة مقارنة بما كانت عليه قبل الأحداث، فقد استفاد التجار سابقاً من غياب الرقابة الجمركية، إلا أن الوضع تغيّر مع تطبيق رسوم جديدة، أثرت بدورها على كميات الاستيراد وكلفة البيع.