لكل السوريين

لمساً ولفظاً.. التحرش يعنّف فتيات دمشق

دمشق/ مرجانة إسماعيل

تلقت مرام صدمة حياتها ولم تستوعب حدث بداية حتى شاهدت ضحكته المستفزة وهو ينظر بعينيها ويلوح بيديه من على دراجته النارية، رغم أن الشارع لم يكن فارغاً لكن لم يحرك أي أحد ساكناً لما حصل أو حتى يتجه لمساعدتها.

تعرضت مرام 21 عاماً للتحرش اللفظي في ساحة الجامع الأموي بالقرب من سوق الحميدية في العاصمة دمشق من دون أن تتمكن من الدفاع عن نفسها، في حادثة باتت تتكرر بشكل لافت بهذه الطريقة دون أي حلول أو تحرك فعلي لمواجهة هذه التعديات.

لم تستغرب صديقاتها ممن كن معها الحادثة التي جرت عليها إذ أن معظمهن تعرضن لذات الموقف لكن الجميع يصمت، لا سيما في الوقت الحالي في ظل حالة من الفلتان الأمني، رغم ظهور بعض المقاطع التي تظهر محاسبة المتحرشين لفظياً.

تقول الشابة العشرينية: ” كنت أتعرض سابقاً لبعض التحرشات اللفظية من بعضهم، لكن لم أتخيل أبدا أن يتجرأ أحد على التعرض لي بهذه الطريقة أمام الناس بطريقة مستفزة ولا يتحرك أحد لمساعدتي”.

بينما تعرضت رنيم وهي أيضاً شابة في العشرينيات لألفاظ نابية من أشخاص يفترض أنهم يعملون في الأمن، كان سبب تعرضها هو طريقة لباسها، إذ تعرضت الفتاة لأكثر من موقف يوبخها بها أشخاص ويتدخلون في حريتها الشخصية.

تقول الفتاة أن هناك أشخاص ومنهم مدنيين يوقفونني ليوبخوني ويتدخلون بطريقة لباسي، وهذا الحالة باتت تظهر مؤخراً رغم صون الحريات الشخصية في الدستور السوري.

السرفيس المكان الملائم للتحرش

فيما تتعرض إحداهن ورفضت الإفصاح عن اسمها للتحرش بشكل شبه يومي في السرفيس وتقول: إن “السرفيس هو المكان الأكثر ملائمة للمتحرشين لممارسة أفعالهم اللاأخلاقية، ففي حين يتسع الصف الواحد لثلاثة ركاب، لا يتحرك السائق قبل أن يملأ الصف بأربعة ركاب وفي هذه الحالة تكون الأجساد متلاصقة ولا يكاد يجلس الركاب.. نعم هو استغلال علني لكن أي رفض للأمر سينتهي بك المجال خارج السرفيس على مبدأ (ما عجبك لا تطلع)”.

وتضيف:” لا توجد خصوصية للنساء في مثل هذه الحالات أو مقاعد مخصصة لهن، غالبهن يقعن ضحية سائق طماع ومتحرش مفترس. بداية كنت أخجل عندما يحاول أحد ما التعدي على حرمة جسدي لكن مع الأيام أصبحت أكثر جرأة ولا أقبل بهذا الأمر بتاتا رغم أني تعرضت لبعض المشكلات”.

لا تنكر الشابة العشرينية أن التحرش أصبح أكثر انتشاراً لا سيما خلال السنوات الأخيرة، وتعزو الأمر إلى أسباب عدة من أبرزها زيادة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وانتشار الفقر والمخدرات وتأخر الزواج وانتشار العنوسة بين الجنسين.

ويؤكد ناشطون، أن حوادث التحرش زادت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة وباتت هذه الأفعال اللاأخلاقية لا تقف عند حد الكلام فحسب بل تطورت في كثير من الأحيان إلى الاعتداء الجسدي.

ويرون أن السبب الأساسي هو غياب الأمن وانعدام المحاسبة والثقافة الاجتماعية التي تضع اللوم أولا على الفتاة، وعدم اهتمام الأجهزة الأمنية بملاحقة هذه الحوادث.

في حين يرى محامون، أن من أهم أسباب التحرش هو غياب تطبيق النصوص القانونية، موضحين أن القانون السوري ينص على أن عقوبة التحرش اللفظي هي الحبس من يوم إلى عشرة أيام. وإذا كان تحرّشاً جسدياً فتكون العقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات أي عقوبة الجنحة.

ويضيفون: “رغم ارتفاع معدلات هذه الحوادث لكن لا تؤخذ على محمل الجد ولا تتم ملاحقتها سواء من قبل أجهزة الشرطة أو حتى الضحايا الذين يتعرضون لهذه الاعتداءات وفي غالب الأمر لا يتم تقديم شكوى قانونية”.

حيث يزداد في المجتمعات التي تعاني من تفكك أخلاقي وتعيش أزمات نفسية وأخلاقية وهي تتفاوت بحسب شدة القوانين ونظرة المجتمع للمتحرش عليه.

ثم أن منح الثقة للأبناء ليتحدثوا عن كل ما يتعرضون له أمر ضروري لحمايتهم، كما نبهت إلى ضرورة عدم السكوت عن هذه الحوادث والسماح للمتحرش بالتمادي، مع ضرورة التوعية والإرشاد للفتيات والأطفال من قبل الأهل وفي المدارس للتقليل من هذه الحوادث.