لكل السوريين

ثقافة الكراهية

لطفي توفيق

لعل من أخطر ما يواجه الثقافة في أي زمن..

أن تتحول إلى عادة يمارسها “المثقف” عندما يحتاجها..

ويرميها عن كتفيه “كما يرمي قميصه” إذا وصل إلى بيته.

ويشعر بالغبطة لقدرته على إدهاش من استمعوا لأحاديثه “الثقافية”..

وشجعوه بعبارات معلبة وجاهزة له، ولغيره..

عظيم.. رائع.. يا سلام!!…

خاصة إذا أكثر “المثقف” في حديثه من استخدام كلمات غريبة.

من كتب غريبة.. ربما قرأ عناوينها في مكان ما..

لكتّاب ربما سمع بهم في مكان ما..

ومع مرور أرتال السنوات، يكثر عدد “المتثاقفين المتحدثين”

ويزداد عدد ” المتثاقفين المستمعين والمشجعين”.

و.. الضحية هي الثقافة.

ومن أخطر ما يواجه الثقافة في أي زمن..

أن يتحول مدّعوها إلى لاعبي سيرك..

في الدكاكين الثقافية المنتشرة في المنازل والمقاهي..

وحيثما يتيسر اللقاء، ويتزايد عدد هذه الدكاكين، وتتحول إلى “تجمعات”..

تختص كل مجموعة “ثقافية” بأحدها، وتحسب عليها..

فتسود حالة “الشلل الثقافية” التي لا يجمعها شيء..

وتفرقها أشياء.

و.. الضحية دائماً هي الثقافة.

وعندما يتحول الهم العام في مجتمع ما.. إلى عمل من لا عمل له.

وإلى ثقافة من لا ثقافة له، غير زعمه أنه مسكون به وبالثقافة.

وعندما يتحول “العمل” بالهم العام، وبالثقافة.

إلى وسيلة للقضاء على رتابة الوقت..

لدى من لا مشكلات لديهم.

وتسود هكذا عمل وهكذا ثقافة..

و.. الضحية هي الثقافة والهم العام.. معاً.

كان ذلك…. قبل أن تدخل البلاد والعباد مرحلة دموية

منذ عقد ثقيل الظل على البلاد.. والعباد

وقبل أن تنتشر الثقافة التي سادت خلال هذا العقد الثقيل..

كما ينتشر الجراد على مساحة خضراء..

ويتركها يباباً.. لا تنتج سوى الجماجم.. والأشواك.

وقبل أن تتمادى ثقافة راجمات الصواريخ..

وراجمات السواطير..

وراجمات الإعلام الذي يروّج لثقافة الكراهية.. والحقد.

قد تصمت يوماً ما.. راجمات الصواريخ.

وقد تندحر يوماً ما.. راجمات السواطير.

وقد تخرس يوماً ما.. راجمات الإعلام الذي يروّج لثقافة الكراهية.

ولكن ما هو خطير ومرعب.. أن تبقى ثقافة الكراهية..

عصيّة على التوقف.. وعصيّة على الاندحار.

وتبقى الثقافة هي الضحية.

ويبقى الوطن.. وأصحاب الوطن..

أكبر الضحايا.